لطمة قاسية تلقاها طلاب وطالبات الصف الثاني عشر من خلال النتائج الصادمة التي حصلوا عليها في امتحانات الفصل الاول، والتي افصحت ببساطة عن الصعوبة التي جاءت عليها الامتحانات حيث لم تفرق بين طالب متفوق، وآخر متوسط أو ضعيف المستوى، اذ اعتمدت اسلوب التحليل والتفكير والاستنتاج، نمطا جديدا لسياسة امتحانية مستحدثة لم يأخذ واضعوها في الاعتبار ضرورة تهيئة الطلبة عليها، وهم الذين درجوا منذ نعومة اظفارهم في التعليم على الحفظ والتلقين، ليصب ذلك في النهاية في صورة اختبارات تقوم على المباشرة في طرح الأسئلة، وكذا في الاجابة عنها.<o></o>
اذا اقررنا بأهمية التغيير والتطوير في النظام التعليمي من باب مسايرة المستجدات في هذا المجال، للخروج من الخندق الثابت لآخر متحرك يدفع في اتجاه تنمية القدرات العقلية والتفكيرية لدى الطلاب، فعلينا ابتداء من باب الضرورة والمنطق ان نهيئهم ونؤهلهم لذلك، قبل ان نفاجئهم باختبارات تعجيزية – ان جاز التعبير – لم يأخذوا حذرهم منها بالاستعداد والتهيئة الكاملة لها، من خلال اوراق امتحانية تحوي طلاسم، وألغازاً، ولفاً ودوراناً في مواد طالما عصر الطالب أو الطالبة من هؤلاء نفسه عصرا طيلة العام في مذاكرتها، واستيعاب ما تتضمنه من جوانب وجزئيات، ليأتي في الامتحان ويقف عاجزا ذليلا امامها، متمنيا ان تنشق الارض وتبتلعه عن ان يواجه ذويه بصورة مخيبة للآمال جميعها.<o></o>
والنتائج القاتمة -واللاطمة – التي حازها معظم الطلبة اطاحت بالمعدلات المأمولة من كثيرين، والتي فيها سبيلهم لولوج كليات وجامعات مرموقة الى حد ما، وفي الوقت ذاته اذا خيبت الامتحانات القادمة للفصل الدراسي الثاني الذي لم يتبق عليه سوى اربعة اشهر ما تبقى من آمال أو احلام لدى الطلبة واولياء الامور، لن تكون هناك نتائج من عدمه، وستسجل المناطق التعليمية على اختلافها اعلى نسب رسوب على الاطلاق لم تحدث من قبل للصف الثاني عشر، الذي اوقعه حظه العاثر في نطاق سياسة امتحانية جديدة لم يهيأ أو حتى ينبه لها، بما ادى الى ان تقضي على الاخضر واليابس من طموحات طلبة هذا الصف، الذين يتركز خوفهم كله حاليا فيما هو قادم من الامتحانات.<o></o>
والحقيقة فالتوجس والخوف اللذان يسكنان حاليا نفوس كثير من الطلبة تجاه امكانية تكرار الصعوبة والتعقيد في الامتحانات المقبلة للفصل الثاني، يمكن ان يطيحا بقدرتهم على المذاكرة والتحصيل خلال الفترة المقبلة السابقة على بدء هذه الامتحانات، لاسيما وان من هؤلاء الطلبة من كان متفوقا خلال امتحانات التقويم الشهرية الماضية التي سجلت حصولهم على درجات قاربت النهائية، فيما هبطت معدلاتهم في امتحان الفصل الاول الى نحو النصف، بما اسفر عن شعورهم باليأس والاحباط، والذعر من مجرد التفكير في معاودة التحصيل والمذاكرة بجد واجتهاد، لتأتي النتيجة مباغتة وقاصمة، وذاهبة بكل التوقعات!<o></o>
وحتى نلحق بما تبقى في نفوس ابنائنا من ملامح امل، أو طموح، في فترة دراسية مقبلة هادئة، وايضا امتحانات على قدر المستويات العقلية، والتحصيلية لهم، لابد ان نبحث في الاسلوب النفسي الواجب علينا معاملتهم به خلال الفترة القادمة، لنشحذ هممهم ثانية للدراسة، والمذاكرة، وايضا علينا الوقوف امام النتائج المترتبة على هزيمتهم نفسيا من خلال التعقيد الذي نواجههم به سواء في أسئلة امتحانية – مشفرة-، جعلت الامتحان حربا، والحرب حالة نفسية مؤلمة تشمل تهديدات اسرية متوالية بالويل والثبور وعظائم الامور، لمن لا يحوز المعدل المرتفع أو المناسب للالتحاق بالكلية المرموقة التي ترغبها الاسرة وليس الابن!<o></o>
مسؤولية مشتركة<o></o>
<o> </o>
من جانبه يرى د. محمد حسن فائق استشاري الطب النفسي ان الحالة النفسية ترتبط ارتباطا كبيرا بالتركيز والاداء العلمي، فإذا اصيب الطالب بحالة من الاحباط النفسي يولد ذلك شعورا داخله بعدم الثقة بالنفس، مما قد يؤدي الى حالات متفاوتة النسب بين طالب وآخر من الاكتئاب النفسي والشعور بالفشل، اضافة الى حالات من القلق والتوتر النفسي، ونوبات من الخوف، في حين يتعرض بعض الطلبة ايضا الى حالة قلق ما بعد الصدمة، وجميع هذه الحالات النفسية تؤثر تأثيرا قويا ومباشرا في قدرة الطالب في الاداء والعطاء وقدرته الاجمالية على الاستيعاب.<o></o>
وقال إن الفترة المقبلة السابقة على امتحانات الفصل الثاني تتوزع المسؤولية فيها على الهيئات التدريسية والاسر، فمن ناحية المدارس يجب ان يعمل المعلمون على اعادة ثقة الطلبة في انفسهم بالتحفيز، والثناء على ادائهم الدراسي والتحصيلي، مع تكرار الاختبارات البسيطة المشابهة لاختبار الفصل الاول، لاعادة ثقتهم في ذاتهم وقدراتهم، وعلى الاسر القيام بالدور ذاته من التشجيع، والاسراع بعلاج اية اعراض نفسية يتعرض لها الابن من اكتئاب أو خوف أو قلق زائد، ومراجعة المختصين النفسيين اذا لزم الامر.<o></o>
واقع حال<o></o>
<o> </o>
اما الطبيب النفسي د. علي الحرجان فقال: لا بد بداية من مواجهة الاسر لأنفسها بأن النتائج المتدنية التي حازها الابناء في الامتحانات سواء لصعوبتها، أو لتقاعسهم عن المذاكرة تعد واقع حال يجب تقبله مع التفكير في كيفية تجاوزه الى الافضل، ومن الضروري في البداية من الاعتراف بأن التغيير السريع والمفاجئ في مستويات الامتحانات، واسلوبها، ومفهومها، لم تتم التهيئة له، مما اسفر عن ردود فعل واسعة، لأن المعلمين والاسر والطلبة تعودوا منذ عشرات السنوات على نظام ونمط امتحاني محدد، ليأتي الجديد والمتطور من طرق ونماذج أسئلة غير معتادة، ويحدث ارباكا لدى الجميع، وان كنا نشجع التبديل والتطوير الا اننا نؤكد على اهمية تطبيقه بأقل الخسائر الممكنة، من الايذاء النفسي أو الاجتماعي.<o></o>
وأضاف: لا بد ان يدرس المعنيون كافة بالعملية التعليمية النتائج السلبية والمشكلات التي حدثت نتيجة التجربة الامتحانية الجديدة للصف الثاني عشر، لأن الطلاب الذين لم يحصلوا على معدلات موازية لاجتهادهم خلال الفصل الدراسي الاول قد يتراجعون عن المذاكرة يأسا واحباطا من امكانية تحقيق اية معدلات في الفصل الدراسي الثاني، فضلا عن ذلك فصعوبة الامتحانات عموما تؤثر سلبا في الطلاب من خلال اصابة معظمهم باضطرابات في السلوك، كالعصبية، والتوتر، وفقدان الشهية للأكل، اضافة الى الأرق، وكراهية المدرسة، والخلاف مع الاهل والاخوة، وقد يصل الامر بالطالب الى حد الاكتئاب والانزواء والانطواء.<o></o>
وشدد على الاسر بمعالجة نفسية الابن الذي حصل على معدل منخفض، من خلال شد أزره وتشجيعه على مواصلة الدراسة بتفاؤل، وامل في القادم من الامتحانات، والبعد به عن الشعور بالفشل، أو العجز.