«الآلة الحاسبة» في الامتحانات.. حلول تسلب العقول
نتفق على أن التعليم من أجل التفكير أو تعلم مهاراته هدف مهم للتربية، وجزء من كل مادة وكل درس يجدي لتفعيلهما التفكير بصورة علمية للتحليق بالمتعلمين في عوالم من الفكر عبر مجموعة من المهارات والتدريبات والعلوم تجعل قرائحهم متفتحة يستطيعون بها الاستنباط والتحليل وهما قاعدتا التعليم المعاصر في مختلف دول العالم.
وعندما نسمح لطلبة الصفوف من الرابع حتى الثاني عشر بإدخال الآلة الحاسبة في امتحانات التقويمات ونهاية الفصل الدراسي كما يرى توجيه الرياضيات الأول وتوجيه المادة في دبي، وإن كانت هناك عبارة (بدون استخدام الآلة الحاسبة) في قراره مقابل السؤال الذي يرغب واضع أسئلة الامتحان في عدم استخدامها. نكون قد سعينا لإلغاء عقول المتعلمين وتفكيرهم والاعتماد على الآلة المذكورة في استخراج حلولهم الرياضية، ناهيك عن التناقض في استخدامها وما تتطلبه الرياضيات من حساب ذهني في المرحلة التأسيسية، فيما يرى صناع القرار في توجيه المادة أن الهدف مما اقروه تسهيل وإعطاء الطالب الوقت الكافي للتفكير في المسائل التي ليس الهدف منها قياس مهارات الجمع والطرح والضرب والقسمة.
يرى جعفر الفردان مدير مدرسة السعيدية للتعليم الأساسي في دبي أن أساس التعليم الحديث مرتبط بقدرة الطالب على حل المشكلات من خلال وضعه في مجموعة من المشكلات تستدعي أن يكون رأيه جريئا وحرا معتمدا على ملكاته وقدرته على استنباط الحلول من خلال ارتباطات معينة تمكنه من تحليل شفرتها ومدلولاتها باستخدام العقل البشري وليس الآلة الحاسبة، معتبرا قرار السماح للطلبة باستخدام الآلة الحاسبة في جميع المراحل الدراسية من أخطر القرارات التي تم اتخاذها في الفترة الأخيرة.
وقال الفردان: عندما يطلب من المتعلم في تلك المراحل إلغاء عقله وتفكيره والاعتماد كليا على الآلة الحاسبة في استخراج الحلول، فذلك يعني ضربا في صميم النظريات العلمية المعتمدة على التفكير والتفكر، متسائلا: ماذا يريد الواقفون وراء القرار، وكيف نطالب أبناءنا بإلغاء عقولهم والاعتماد كليا على الآلات والحواسيب، ألا يعرف هؤلاء أن الحاسوب بقدرته الفائقة تعطيل للقدرات العقلية وطريقة سهلة للوصول الى المعلومة دون الحاجة لأن يبذل الطالب أي نوع من أنواع المعاناة والتفكير.
الفردان شدد على ضرورة مراجعة القرار وإيقافه فورا لصالح أجيالنا المقبلة، واحتراما للعقل البشري المخلوق للتفكير والتفكر والتحليل والاستنباط وصولا للمعلومة، لافتا الى أن الصينيين يقولون في أبجدياتهم التربوية لا تطعمني السمك بل علمني كيف اصطاد والآن عدلوه ليقولوا بل علمني كيف أصنع السنارة، والإنجليز يقولون: (إيزي كم إيزي جو) ويمكن قياس هذا المثل على نواحي الحياة والتعليم أيضا.
مفاهيم جديدة
وقالت منى حماد معلمة الرياضيات سابقا والفائزة بالمعلم المتميز في جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز إن الرياضيات في المرحلة التأسيسية لا تستلزم استخدام الآلة الحاسبة لأن المهارات التي يتعلمها التلميذ كافية لحل مسائل حسابية خلال وقت زمني محدد ، فإذا قلنا له استخدم هذه الآلة فمعنى ذلك أننا نريد تقليص فترة الامتحان أو الفترة المحددة للإجابة عن هذه المسائل وهذا غير مطلوب، ولكن المطلوب في هذه المرحلة أن يتعلم التلميذ مادة الرياضيات ويبني عليها المفاهيم الجديدة.
وأضافت: إذا استخدمنا الآلة الحاسبة بحسب رأيها فمعنى ذلك أننا فقدنا البناء المطلوب للمادة إلى جانب تقليص مساحة التفكير والاستنباط لدى المتعلمين، وهم أولى بالرعاية والتخطيط الذي سيغيب ويتلاشى مع استخدامها، مشيرة إلى أن كثيرا من الدول تهتم إلى جانب المادة بالحساب الذهني للمتعلم، والمادة الموجودة في المناهج المطورة تعطي جانبا من هذا التفكير.
وأكدت منى حماد على أن السماح باستخدام أبنائنا الصغار للآلة الحاسبة في امتحاناتهم سيجعلنا متناقضين مع أنفسنا، المادة تتطلب الحساب الذهني، والطالب سيجد سهولة في استخدام الآلة الحاسبة ما يعكس في النهاية فشلا في تحقيق المادة التعليمية للمرحلة التأسيسية.
دراسة علمية
محمد حسن مدير ثانوية محمد بن راشد أشار إلى أهمية استخدام التقنيات الحديثة في عملية التعلم بعد دراسة علمية دقيقة وتحديد استخدامها في أي مرحلة عمرية ودراسية، وكما لها ايجابيات لها على الجانب الآخر سلبيات.
مشيرا إلى أن أهم أساس للتعلم بمرحلة التعليم الأساسي ، تعليم الطالب كيفية استخدام حواسه في مجال تنمية المهارات المختلفة لاسيما اللغوية والحسابية والعلمية، فاستخدام التقنيات في تلك المرحلة يؤثر سلبا على تنمية المهارات سالفة الذكر، لكن مابعد هذه المرحلة صار التعلم الذاتي واستخدام التقنيات هو الأساس في عملية التعلم، والمعرفة لم تعد قاصرة على المنهاج المدرسي وأدواته، وعلى الجميع السعي للتوسع في نهل المعرفة.
حسن قال: إذا أردنا تقديم مادة تعليمية بطريقة شاملة ومتكاملة لا أقسمها إلى طريقة هنا استخدم تقنية وهناك لا أستخدم، فهناك عمليات كثيرة جدا في مجال المواد العلمية كالفيزياء والكيمياء يعتمد فيها الطالب على التفكير الذاتي لتوسيع مداركه، وعندما اعتمد الآلة الحاسبة وسيلة لنجاحه يعني أن تفكيره ضحلا سطحيا بناء على استخدام أسهل السبل على حساب قدرته على الاستنباط والاستنتاج والخلق والابتكار ما يعني أننا في حاجة لإعادة النظر في المقررات الدراسية بحيث نشغل الطالب فرضياً وعقلياً وننمي مهاراته.
أحمد رباح مدرس الرياضيات بمدرسة السعيدية للتعليم الأساسي دعا الى ضرورة النظر في قرار السماح للطلبة باستخدام الحاسب الآلي لاسيما مرحلة التعليم الأساسي، متسائلا: كيف نساهم في إعداد المتعلم للحياة العامة وتكوين الأساس الرياضي الحديث لدى المتعلمين وإكسابهم أساليب معالجة أساسية تعطي المتعلم ثقافة رياضية شاملة إضافة إلى تنمية قدرتهم على فهم النماذج والتطبيقات الرياضية في الحياة اليومية. ونادى رباح بإعطاء الفرصة للمتعلم لاكتشاف أفكاره عن طريق الاستنتاج والتفكير البناء والتجريب والتحليل والتعميم.
قياس مهارة أخرى
محمد غانم موجه الرياضيات في دبي برر استخدام الطلبة للآلة الحاسبة في امتحانات التقويم ونهاية الفصل الدراسي بأن هناك أسئلة تستلزم استخدام العمليات الحسابية الأصلية الأربع، الجمع والطرح والضرب والقسمة، وعلى هذا الأساس يذكر في صيغة السؤال: (دون استخدام الآلة الحاسبة)، أما إذا كان الهدف من السؤال قياس مهارة أخرى ليست مهارة إجراء العمليات الحسابية فلا مانع من استخدام الطالب للآلة الحاسبة.
الحس الرياضي
أحمد رباح مدرس رياضيات قال إن استخدام الآلة الحاسبة لا يساعد المتعلم على طرق التفكير ونقل ما تعلمه إلى أحوال أخرى سواء في التطبيقات الرياضية أو خارجها، إضافة إلى عدم النجاح في حل المشاكل الرياضية التي تعتمد على العمليات الأساسية (+ ، – ، x ، ÷ ) لأنه فقد الحس الرياضي في تقدير ناتج العمليات وبناء على ذلك لا يستطيع المعلم توفير بيئة صفية تتسم بالابتكار واستثارة أفكار جديدة وتوليدها بأساليب التعليم الحديثة.
وين الردود ؟ ؟
انصح كل من يقراء اي موضوع ويكتب راية لتشجيع ع كتابة الكثير من المواضييع