الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتك بكل خير.
أيتها السائلة الكريمة، لدي تفاؤل كبير، وشعور عميق بقرب هدايتك –إن شاء الله تعالى- ذلك أن الاعتراف بوجود مشكلة ما ، والبحث لها عن حل عند ذوي الاختصاص والخبرة يعد خطوة أولى ومهمة في الطريق الصحيح.
لقد قرأت رسالتك بعناية أكثر من مرة فأحسست بأنك فتاة جادة، لا زلت تحتفظين برصيد جيد من نداء الفطرة والإيمان، ويبدو أن فترة الشباب التي تعيشينها، وإعجاب صديقاتك بك لم يلهك عن النظر في علاقتك بربك -سبحانه- الذي أمهلك طويلاً، ومنحك الفرص المتتابعة لمراجعة نفسك ومعرفة أين تكونين وإلى أين تسيرين؟
أيتها الفاضلة، دعيني أصارحك بلا نفاق أو مجاملة –أنتِ في غنى عنها- فاعلمي –حفظك الله- أن أداء الصلاة في وقتها المحدد ركن أساس من أركان ديننا العظيم، بدونها يصبح الإنسان خارجاً عن دائرة الإسلام شاء أم أبى، ولا ينفعه انتماؤه لأمة المسلمين بموجب هويته الشخصية أو إصراره الذاتي أن يقال له: مسلم!!
قال الله –تعالى-:"فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين" ومعنى ذلك: أنهم إن لم يقيموا الصلاة فليسوا إخوة لنا في الدين!!
وفي صحيح مسلم من حديث جابر –رضي الله عنه- قال –عليه الصلاة والسلام-:"بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وفي السنن من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".
فالمسألة –بارك الله فيك- بالغة الخطورة، إنها مسألة كفر وإسلام، ونار وجنة ورب الكعبة، إن تارك الصلاة يُعرّض نفسه لذات المصير الذي ينتظر أبا لهب وأبا جهل وفرعون وهامان وقارون بل وإبليس، ألا وهو الخلود الأبدي في النار؟!!
فهل تحبين أن تواجهي هذا المصير المشؤوم؟ حاشاك وأنت ابنة لأبوين ساجدين راكعين يخافان الله.
إن الفرصة الآن بيدك، ما دامت أنفاسك تتردد بين جنبيك، لكن أحداً في هذا الكون لا يستطيع أن يحدد كم بقي لك من الأنفاس فملك الموت لا يعرف الاستئذان!!
جميل جداً أن نعترف بأخطائنا، لكن ذلك الجمال يذوب حين يظل الاعتراف مجرد تنفيس وبث للآهات دون أن ننتقل إلى مرحلة الإصلاح والتغيير الفعلي!! أليس كذلك؟
تفكري في نعم الله عليك، ستعجزين عن العد والحصر، فهل تقابلين الإحسان بالجحود والنكران؟ أمرٌ لا ترضين أن يقابلك به أحد من الخلق فكيف تقابلين به الخالق؟
ذكرت –بارك الله فيك- أن أبويك لم يبذلا جهداً يذكر في أمرك وإخوانك بالصلاة، وذلك خطأ بلا شك، لكن لا عذر لك الآن وقد عرفت خطورة المسألة فماذا أنتِ فاعلة؟
لا يغرنك حب الأخريات لك وافتخارهن بك، فالمهم أن تنالي محبة الله ورضاه.
هل تريدين أن تعرفي كيف؟ اقرئي قوله –تعالى-:"إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين".
فأسرعي إلى التوبة، وتطهري وصلي وحافظي على الصلاة تكوني محبوبة لله، نعم محبوبة لله، وياله من فضل عظيم!
أما كيف تحافظين على الصلاة فكما يلي:
1- إذا حان وقت الصلاة اتركي كل ما في يدك وتطهري وابدئي في الصلاة بخشوع ما أمكن.
2- أطيلي الركوع والسجود وأكثري من الدعاء حال سجودك خاصة بأن يعينك الله ويسهل الصلاة عليك ويحببها لك.
3- احذري من التأخير ولو لبضع دقائق؛ لأن ذلك سيبدد كل جهودك الماضية.
4- سيوسوس لك الشيطان، وتحدثك نفسك الأمارة بالسوء: اصبري خمس دقائق، اصبري عشر دقائق، ابدئي الصلاة الشهر القادم، أو مع بداية رمضان، إلى غير ذلك من الوساوس الجهنمية فلا تلتفتي لكل ذلك وواصلي المسير.
5- ربما وجدت ممن حولك شيئاً من المضايقات أو الاستهزاء أو التخذيل فلا تسمعي لهم.
6- ضعي المنبه لصلاة الفجر أو غيرها حين تكونين نائمة، فإذا شعرت بحلاوة النوم عند حلول الوقت فتذكري قوله –تعالى-:"تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً" وتذكري أن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة.
7- كلما شعرت بالتعب أو الملل فاعلمي أن ذلك من الشيطان فاستعيذي بالله من وسوسته وجاهدي، واحذري أن ينتصر عليك فهو ضعيف حقير قال الله عنه:"إن كيد الشيطان كان ضعيفاً"، ثم ألست ناجحة في حياتك وتكرهين الفشل؟!
8- اقرئي كثيراً في كتاب الله وحاولي أن تتدبري في قراءتك؛ ليرق قلبك، وتطمئن نفسك.
9- ابحثي عن زميلات وصديقات طيبات في مجالس الذكر لقراءة القرآن ومطالعة كتب السيرة النبوية.
10- استمعي للأشرطة الإسلامية، واقرئي الكتيبات الدعوية الجيدة، وستجدين في المواقع الإسلامية في الإنترنت الكثير من ذلك، لكن يحسن بك أن تبحثي عن المواقع الجيدة والكتب المفيدة بسؤال أهل الاختصاص والمعرفة من الموثوقين في علمهم وأمانتهم.
11- ابتعدي عن سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والتبرج في اللباس وغيرها من المعاصي حتى يزيد إيمانك وتسهل عليك الطاعات.
وختاماً نرجو لك التوفيق والسداد، والفوز والفلاح، وأن يحفظك الله ويرعاك، ويأخذ بيدك إلى البر والتقوى إنه جواد كريم، والسلام عليك