الإسراء والمعراج.. وعروبة القدس
09-08-2008
حماة الأقصى
معجزة الإسراء والمعراج هي المرجعية الأولى لقدسية القدس العربية الإسلامية، أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومن ثم، فإن الخطاب الديني لذكرى الإسراء والمعراج يعد في المقام الأول سنداً قوياً للحق العربي الإسلامي في القدس، هذا الحق الذي تعزز بالمنشأ والتكوين العربي للمدينة منذ خمسة آلاف عام، كما تعزز أيضاً بالسيادة العربية الإسلامية على المدينة المقدسة أطول فترات عصور التاريخ القديم والوسيط والحديث.
أكتب عن هذا بعد أن لاحظت أن الخطاب الديني طوال هذا الأسبوع لم يتطرق إلى هذا التواصل المقدسي عبر العصور، حيث توقف الدعاة والمتحدثون والإعلاميون عند معجزة الإسراء والمعراج، دون محاولة ربط دروس ذكرى تلك المعجزة بمكانة القدس منذ ذلك الوقت في الفكر والتاريخ العربي والإسلامي، وأيضاً ربط الذكري بمسئوليات الأمة تجاه تحرير المدينة المقدسة، وتأكيد عروبتها منذ الفتح الإسلامي للمدينة.
وفي العهدة العمرية، أعطى الخليفة عمر أماناً لأهل إيلياء، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها.. ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
ومضى عمر بن الخطاب بعد أن دخل القدس يبحث عن موقع الصخرة المشرفة، ولكن صفرونيوس بطريرك القدس قاده أولاً إلى كنيسة القيامة فتفقد عمر الكنيسة، وعندما حان موعد الصلاة رفض الخليفة أن يصلي فيها، لئلا يكون في ذلك سابقة لصلاة المسلمين في الكنيسة، وصلى في مكان قريب إزاءها.
وعندما بلغ الخليفة الصخرة، قام بتنظيفها ثم أمر بإقامة مسجد في ساحة الحرم الشريف، وعين علقمة بن مجزر حاكماً على القدس، والصحابي عبادة بن الصامت، أول قاض على القدس، وأقام الحسبة في المدينة ورتب البريد به ثم غادر أمير المؤمنين المدينة بعد عشرة أيام، وفي رواية أخرى بعد أربعة أيام، كانت فاتحة التاريخ الإسلامي العربي لبيت المقدس.
* * *
يعني هذا كله أن القدس هي مدينة الإسراء والمعراج، وكانت القبلة الأولى لأكثر من ثلاث عشرة سنة، وحتى السنة الثانية من الهجرة (610 ـ623 م) وظلت القدس منذ ذلك الوقت تحتل مكانتها المقدسة في قلوب وعقول الأمة العربية والإسلامية، حتى وقعت تحت الاحتلال الصليبي (1099 ـ1187) ونجح صلاح الدين الأيوبي في تحريرها، ثم وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، حيث دخلت القدس دائرة الخطر بمحاولات تهويدها.
ومن هنا، فإن ذكرى معجزة الإسراء والمعراج ترتبط بالمدينة المقدسة أرضاً وفضاءًً.. مادة وروحاً ومن الأهمية أن يتواصل الخطاب الديني مع هذا السياق، فنحن كأمة عربية إسلامية أصحاب قضية مقدسة، وللخطاب الديني مكانته ومسئوليته في تعبئة شعور الأمة.. لذا وجب التواصل