الإيمان بالله:
الإيمان بالله سبحانه و تعالى هو الفطرة التي فطر الله عليها عباده, و الإلحاد غاشية طارئة على الإنسان, خرج بها أصحابها عن أصل الخلقة و مقتضى الفطرة. و يدل على هذا قوله تعالى: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين, أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون" [الأعراف: 172-173]. و إن علم الإيمان هو أشرف العلوم لتعلقه بمعرفة الله سبحانه و تعالى و إفراده بالعبادة, و أيضا لما يترتب عليه من تحقق الحياة الطيبة في الحياة الدنيا و الفوز بنعيم الخلد و جنة الأبد في الآخرة.
و أما الملاحدة و اللادينيين الذين لا يؤمنون بالله سبحانه و تعالى, و يبررون ذلك بأنه لا تدركه الحواس, فقد اتبعوا بهذه الأقوال سنن أعداء الإيمان الذين كانوا من قبلهم عندما جعلوا رؤية الله شرطا للإيمان. و هذه المكابرة هي منطق الكافرين قديما و حديثا, و لكنها في الحقيقة شبهة باطلة لأن هؤلاء يؤمنون بوجود العقول المفكرة و لم يروها, و يؤمنون بالجاذبية الأرضية و لم يروها و هناك الكثير من الأمثلة على أمور مثل هذه يؤمنون بها دون أن يروها أو أن تدركها حواسهم. و لكنهم آمنوا بكل هذه الأشياء التي لا يرونها لما يرون من آثارها, كأثر الجاذبية في جذب الأشياء إلى الأرض. و لذلك فإن الطريق إلى الإيمان بالله عز و جل هو التدبر في آياته, و هي تقود كل منصف إلى الإيمان بالله, و إلى الإيمان بربوبيته و ألوهيته سبحانه و تعالى.
و إن من ثمرات الإيمان بالله الحياة الطيبة في الدنيا و الهداية و العزة و التمكين و النصر على الأعداء و الفوز برضوان الله و الجنة في الآخرة, و هناك الكثير من الآيات في القرآن الكريم تؤكد هذا المعنى. و من المعروف أن سبب عدم تحقق الكثير من هذه الوعود في واقع المسلمين حاليا هو ضعف إيمانهم, و لا سبيل إلى تحقيق هذه الوعود إلا بالعودة إلى الإيمان علما و عملا, تصديقا و انقيادا. و من الآيات التي تؤكد هذا ما يلي:
قوله تعالى: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" [النحل 97].
و قوله تعالى: "فأما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقى و من أعرض عن ذكري فأن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى" [طه 123].
و قوله تعالى: "و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين" [المنافقون 8].
و قوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يؤمنون بي لا يشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" [النور 55].
و قوله تعالى: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" [الحج 38].
و قوله تعالى: "و كان حقا علينا نصر المؤمنين" [الروم 47].
و قوله تعالى: "ثم ننجي رسلنا و الذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" [يونس 103].
فبالإيمان يكون النصر و العزة و التمكين و النجاة و الهداية و الحياة الطيبة في الدنيا و الآخرة, و أما من أعرض عن الإيمان فله معيشة ضنكا, و يحشر يوم القيامة أعمى, و يعيش ذليلا مهزوما.