حدد مدرسون سعر الحصة الواحدة للدرس الخصوصي بمئتي درهم للمواد العلمية ومادة اللغة لانجليزية، فيما أكد أولياء أمور أن ضغطا يمارس عليهم من قبل أبنائهم لأخذ دروس خصوصية بسبب عدم فهمهم للمادة داخل الحجرة الصفية وحاجتهم إلى جرعات مكثفة منها ما اعتبره الأهالي مؤشرا على تحول التعليم إلى تجارة.
ورغم أن التشريعات القانونية تمنع الهيئات التدريسية من إعطاء دروس خاصة مأجورة للطلاب وتعاقب المؤسسات التعليمية المعلمين المخالفين تصل حد إنهاء خدماتهم، إلا ان واقع الحال الراهن يشير الى استشراء الظاهرة التي تزداد حدتها في موسم الامتحانات حيث يصل سقف الحصة الواحدة إلى 500 درهم بحسب أولياء أمور. عناصر تربوية أكدت أن بعض الطلبة باتوا يطالبون أولياء أمورهم ببعض الدروس مدفوعين بضغط من مدرسيهم بحجة ضيق الوقت وعدم قدرة المدرس على التركيز على جميع الطلبة وإيصال المعلومة كاملة مندهشين من كون المعلم هو نفسه الذي يدرس الطلبة المادة نفسها.. ولكن في بيوتهم، لافتين إلى نقطة هامة تتمثل في ان الطالب الذي يخضع لرغبة المدرس تصل درجاته في التقويم بالنسبة لطلبة الثاني عشر إلى درجات شبه كاملة ما يؤدي إلى ضياع حق المجتهدين الذين يعتمدون على ذاتهم في الدراسة والذين لا يملكون ثمن الحصة .
وطالبوا ان تخضع امتحانات التقويم لرقابة الوزارة او المناطق التعليمية كي لا يتلاعب «أصحاب النفوس الضعيفة من المدرسين» بالدرجات حسب أهوائهم ومصالحهم، مؤكدين على ضرورة محاسبة كل من يتم ضبطه في مثل هذه القضية لان ممارسة العمل خارج الإطار القانوني في المدرسة يؤدي بلاشك إلى التقصير الوظيفي.
وقال أولياء أمور ان الخلل يكمن في ان الدروس الخصوصية أصبحت واقعا وضرورة لكل من أراد النجاح، لافتين إلى أن ذلك يضر بأداء المعلم ونزاهته لان تركيزه وجهده يكون منصبا على «زبائنه من الطلبة خارج المدرسة».
وأكدت فوزية حسن مدير منطقة الشارقة التعليمية استياءها الشديد لما أسمته «العصر الذهبي للمعلم الخصوصي»، واحتراف عدد كبير من المعلمين في كافة المناطق التعليمية لهذه التجارة المربحة، وزاد من استيائها أن الموجهين خاصة في الإمارات الشمالية شركاء في هذه التجارة إما بصورة مباشرة بممارسة هذه التجارة، أومن خلال معرفتهم التامة بأسماء معلميهم الذين يعتبرون «هوامير» الدروس الخصوصية ويغض البصر عنهم لسبب أو لاخر، الأمر الذي انعكس سلبا على واقع العملية التربوية.
واوضحت غريب أن الأمر لم يعد من قبل المعلم مجرد سعي لدخلٍ معقولٍ بجانب راتبه لسد احتياجاته وأسرته الضرورية، بل أصبح الامر مرتبطا بكيفية مضاعفة دخله ليصبح حصيلة ما يقتصده شهريا يمكنه من شراء أراض وشقق سكنية، مؤكدة أن أحد المعلمين ذكر لها ذات مرة أن دخل أحد المعلمين من ال« هوامير» للدروس الخصوصية شهريا يمكنه من شراء شقة فاخرة كل 3 أشهر.
ودعت مدير منطقة الشارقة التعليمية كافة أعضاء المنظومة التعليمية بالتكاتف لمحاربة هذه الآفة، وأن مكتبها مفتوح لتلقي أية شكاوى بهذا الشأن. وتابعت غريب أن الأمر وصل حده من الضعف، حيث ان المعلمين في بعض المناطق التعليمية يعملون على مرأى ومسمع من إدارتي منطقته ومدرسته، وأن منهم من يفرض على الطلاب الالتحاق بالدورات أو الدروس الخصوصية.
وأشارت فوزية إلى أكثر من واقعة تحققت منها بنفسها استنادا الى تحريات قامت بها بالتعاون مع أولياء أمور ومسؤولين بالمنطقة تتعلق بمعلمين وموجهين اتخذوا من الدروس الخصوصية تجارة رائجة، مشيرة إلى أحد الموجهين لاحدى المواد الأساسية عرف عنه أنه يحقق ارباحا من العمل بها يصل الى آلاف الدراهم، وعندما كشفته اكتفت الوزارة حينذاك بنقله إلى أبوظبي، فكان يحضر من أبوظبي للدروس الخصوصية بأحد المعاهد الخاصة بعد أن أوحى لهم أنه يشارك في وضع أسئلة امتحان الثاني عشر وتم متابعته وكشف أمره فاضطرت الوزارة وقتها لإنهاء خدماته، مشيرة الى الواقعة الأخيرة للمعلم « ص. س» الذي أنهيت خدماته مؤخرا فور توصية إدارة المنطقة بذلك، وتشير فوزية الى المرحلة التي تولى فيها الدكتور أيوب بدري مهام إدارة تعليمية دبي حيث شن حربا على الدروس الخصوصية، لدرجة وصل الأمر بالمعلم الذي يتلقى اتصالا هاتفيا لسؤاله عن إمكانية إعطاء دروس يظل يردد «أسف آسف» إلى أن يغلق الهاتف، بعدما كشفت المنطقة عن العديد من المعلمين بالاتصال بهم والاتفاق معهم ثم استدعائهم للتحقيق معهم، واستعاضت المنطقة وقتها بمراكز تقوية كان يدرس بها أكفأ العناصر.
وذكر ولي أمر طالب اكتفى بذكر اسم ابنه الأول«سيف» وهو طالب في الصف الثاني عشر أن مدرسي المواد العلمية بدأوا يعرضون بشكل صريح خدمات الدروس الخصوصية على الطلاب بعد أن كانوا يعمدون إلى التلميح بأخذ الحصص الخاصة، مشيرا إلى أن ابنه اشتكى من تدني درجاته في امتحانات التقويم مقارنة بزملاء له يأخذون حصصا بيتيه لدى المدرسين.
وعزت خوله عبد الرحمن الملا مديرة ثانوية النوف بالشارقة انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية عالميا وليس محليا إلى حزمة من الأسباب أهمها كثافة المناهج واختفاء المعلم المتميز بحيث أصبح عملة نادرة في الميدان ومع ضغط المناهج وقلة المردود تجد الطالب يبحث عن مدرس خصوصي لتغطية جوانب المادة التي لم يستطع المدرس داخل الحجرة الصفية من إيصالها للطلبة، كما اعتبرت أولياء الأمور مسؤولين عن تفشي هذه الظاهرة وتشجيعهن لأبنائهم من خلال إحضار مدرسين للمنزل .
وقالت ان الحال يبدو أفضل في المدارس الحكومية عنه في بعض المدارس الخاصة التي يعوض المدرس تدني الراتب الذي يتقاضاه من خلال الدروس الخصوصية، مقترحة والحديث لمديرة النوف الثانوية مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة وعدم التركيز على المهارات العليا فقط. والبحث عن المعلمين المتميزين وجعلهم نواة تدريبية لمعلمين آخرين بحيث يتمكن المعلم من إيصال المعلومة للطالب، كما طالبت بوجود تشريع قانوني لفصل المعلم لا ان تكون العقوبة متدرجة بين خصم الراتب والتنبيه كي نتخلص من هذه الآفة كما دعت الى رفع مكانة المعلم اجتماعيا وماديا.
وأعربت فيفيان محمد معلمة لغة انجليزية عن رفضها لهذا النهج الذي يتبعه بعض المدرسين معتبرة ذلك خيانة لقدسية الرسالة التي يقدمها معلم الأجيال، وذكرت أن البعض يعتبر الدروس الخصوصية وسيلة لرفع مستواه المعيشي في ظل تدني الرواتب وارتفاع مستوى الحياة الا انها ترى في الوقت ذاته أن المبرر ليس كافيا للإقدام على إتيان هذا الفعل.
التشريع القانوني
ينص مبدأ قانون العقوبات التأديبية التي تخص العاملين في الوزارات والمؤسسات التابعة لها في حال قيام الموظف بأي عمل محرم عليه أو امتناعه عن أداء واجبه على إعطاء الموظف حق إجراء التحقيق ومن ثم انزال العقوبة.
وفي نص المادة 83 من المرسوم لسنة 2024 بشان الموارد البشرية تتضمن العقوبة أولا لفت النظر الخطي ومن ثم إنذار خطي ثم خصم من الراتب الأساسي لمدة 10 أيام كحد أقصى والفصل من العمل ويتم إقرار الجزاء بحسب خطورة المخالفة.
استطلاع ـ نورا الأمير- البيان
عكلن شكرا عالموضوع
كلام100%صح