كشف ذوو طلبة في الصف الثاني عشر، ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية «ليلة الامتحان» في الثانوية، التي انتهت الأسبوع الماضي، من 250 إلى 500 درهم في الساعة ما يعني أن الزيادة بلغت 100٪، موضحين «أن المعلمين قرروا أخيراً أن يكون حساب مراجعة ليلة الامتحان بسعر خاص خارج الاتفاق الشهري»، فيما أفاد مدير عام وزارة التربية والتعليم بالإنابة، علي ميحد السويدي، بأن «الوزارة تمنع الدروس الخصوصية وتعاقب من يزاولها، حسب القوانين واللوائح المعمول بها في الوزارة»، ووصف مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور مغير خميس الخييلي، الدروس الخصوصية بـ«أنها عمل غير أخلاقي، وغير قانوني».
في المقابل، أرجع معلمون في المراحل الدراسية المختلفة، إعطاء دروس خصوصية إلى «ضعف رواتبهم، وارتفاع كُلفة نفقات الحياة، مبدين استياءهم الشديد من كثرة الهجوم عليهم واتهامهم بأنهم وراء ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية، وتراجع دور المدرسة، والمؤسسة التعليمية».
وتفصيلاً، دعا عدد من ذوي الطلاب، عبر «الإمارات اليوم»، إلى تجويد المناهج ورفع مستواها ليرتفع معها مستوى الطلبة، مطالبين في الوقت ذاته برفع مستوى المعلم ليتواءم مع تلك المناهج، ولا يضطرون إلى اللجوء للدروس الخصوصية التي تشكل عبئاً اقتصادياً على الكثير من الأسر المواطنة والمقيمة ذات الدخل المحدود، مشيرين إلى ضرورة تكثيف الدورات التدريبية الخاصة برفع مستوى المعلمين،، وقال والد طالب في الصف الثاني عشر، (أبومحمد)، إن «سعر الساعة لدى معظم المعلمين يصل إلى 250 درهماً، لكنه تضاعف إلى 500 درهم في ليلة الامتحانات الأخيرة، ما يعني أن الزيادة بلغت 100٪»، مشيراً إلى «استغلال العديد من المعلمين حاجة الطلاب للدروس، وقلق ذويهم على مستقبلهم للمغالاة في الأسعار».
وأضاف أنه اضطر إلى الاستعانة بأشخاص لا يعملون في مهنة التدريس، لتولي مهمة إعطاء دروس خصوصية لابنه، وذلك لانخفاض المقابل المالي الذي يتقاضونه مقارنة بمعلمي المدرسة، إضافة إلى امتلاكهم مهارات تدريسية، ورغبتهم في إثبات كفاءتهم التدريسية التي تدفعهم لبذل جهد ووقت أكبر مع الطلبة.
وعزا إقدامه على الدروس الخصوصية إلى عدم فهم الطلبة لشرح بعض المعلمين في المدارس، إضافة إلى كثرة الاجازات الرسمية خلال الفصل الدراسي السابق، ما كان سبباً وراء ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية، التي باتت «شراً لابد منه» على حد وصفه، لاسيما إبان امتحانات نهاية الفصل الدراسي.
وقال والد طالب في القسم الادبي، عبدالله خالد، إنه «تحمل ما يزيد على 5000 درهم اضافية، خلال فترة امتحانات الصف الدراسي الأول»، مشيراً إلى انه كان يدفع 250 درهماً في حصة الدرس الخصوصي البالغة مدتها ساعة، لكنه فوجئ بأن المعلمين وضعوا تسعيرة خاصة بمراجعة ليلة الامتحان راوحت بين 400 و500 درهم، بدعوى أنهم يبذلون مجهوداً مضاعفاً مع الطالب في ليلة الامتحان، لافتاً إلى أنه اضطر إلى الرضوخ رغبة منه في مساعدة ابنه في الحصول على درجات مرتفعة.
وأيده في الرأي والد طالب في الصف الثاني عشر علمي، محمد الحمادي، في أن «سعر حصص الدروس الخصوصية التي تسبق الامتحان زاد على السعر المعتاد بنسبة 100٪»، مؤكداً أن «الاهالي يضطرون إلى الدفع، حرصاً على مستقبل أبنائهم».
وأرجع الحمادي لجوء نجله إلى الدروس الخصوصية لضمان التحصيل الجيد، طمعا في الحصول على مجموع مرتفع يؤهله للالتحاق بإحدى الجامعات الحكومية، او الحصول على منحة دراسية بالخارج.
فيما ذكرت والدة طالبة (أم مريم)، أن الدروس الخصوصية لابنتها الطالبة في الصف الثاني عشر (أدبي)، تكلفها ما يزيد على 15 ألف درهم في الفصل الدراسي الواحد، منها 5000 لمراجعات ليالي الامتحانات، مشيرة إلى أن «قيمة الساعة كانت 250 درهماً، إلا انها فوجئت مع اقتراب الامتحانات بزيادة المعلمين سعر الحصة، حتى وصلت الساعة في ليلة الامتحان إلى أكثر من 500 درهم».
في المقابل، قال معلم لغة عربية، أحمد هريدي، إن «تراجع دور المدرسة يعود في المقام الاول إلى تدني نظرة المجتمع الحالية لمهنة التدريس، وتصنيفها ضمن الفئات الأقل أهمية وقيمة بسبب ضعف امكاناتهم وإقامتهم في الأماكن الشعبية فقط».
وأضاف «راتبي الشهري 6000 درهم، فكيف أستطيع المعيشة والسكن والتنقل بها دون اللجوء إلى الدروس الخصوصية، أو أي مهنة اخرى تساعدني على أعباء المعيشة». ولفت إلى أن «تردي الأوضاع المالية للمعلمين يجبر كثيراً منهم على البحث الدائم عن توفير متطلبات العيش الاساسية على حساب مهمته الاساسية، فنراهم يزاولون أعمالا إضافية لا تليق بمركزهم العلمي والاجتماعي».
ونفى معلم الكيمياء، سامي الكردي، أن يكون المدرس هو السبب في ظاهرة الدروس الخصوصية، عازياً الظاهرة إلى أن الطلبة في الفصل لا يساعدون المدرس على الشرح، ووقت الدراسة في المدرسة طويل ما يؤدى إلى عدم التركيز.
وأفاد مدير عام وزارة التربية والتعليم بالإنابة، علي ميحد السويدي، بأن الوزارة تجرم الدروس الخصوصية وتعاقب من تثبت عليه تهمة إعطاء دروس تقوية بأجر من المعلمين التابعين لها حسب اللوائح المعمول بها في الوزارة، مشيراً إلى أن «الوزارة نظمت مجموعات تقوية مجانية للطلاب المتأخرين دراسياً أو من يواجهون صعوبات في التعلم، وأن هذه المجموعات مستمرة طوال العام، وذلك للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية».
من جانبه، حظر مجلس أبوظبي للتعليم، في النموذج المدرسي الجديد، على جميع العاملين التابعين له إعطاء دروس مدفوعة الأجر لأي طالب يدرس في أي مدرسة من مدارس أبوظبي، مؤكداً أن «الحصول على أجر مقابل الدروس من شأنه التسبب في تضارب مصالح غير مقبول، وفقاً لسياسة وقواعد السلوكيات المهنية والوظيفية المعتمدة لدى المجلس»، مؤكداً في الوقت ذاته حق الطالب في الحصول على شرح إضافي في حال عدم فهمه للدرس، وأن ادارات المدارس تنظم مجموعات مجانية وخططاً فردية لرفع كفاءة الطلبة المتأخرين دراسياً».
ووصف مدير عام المجلس، الدكتور مغير خميس الخييلي، الدروس الخصوصية بأنها عمل غير أخلاقي وغير قانوني، مضيفاً أن المعلم الذي يعطي الدروس الخصوصية، خصوصاً إذا ما كان يعمل في المدارس الحكومية التي تحكمها لوائح وقوانين تمنعها، يضر بالطالب، ويؤثر سلباً في شخصيته، لأنه يعلمه الاتكالية وينمي فيه العديد من السلبيات التي تتعارض مع معايير بناء الشخصية السليمة التي يحرص المجلس على تنشئتها في الطلبة، ومن هذه السلبيات عدم اعتماد الطالب على نفسه، مؤكداً أهمية تكاتف الاسرة والمجلس والطلاب، للتصدي لظاهرة الدروس الخصوصية.