المرحلة الأولى من العام 1943م وحتى نهاية عام 1974م .
امتدت هذه الفترة زهاء واحد وثلاثين عاماً من 1943م وهو تاريخ ظهور أول عيادة طبية في دبي ، وحتى عام 1974م وهو تاريخ بدء وزارة الصحة الاتحادية في ممارسة دورها في إنشاء وتقديم الخدمات الصحية . وقد كان للجهود المشتركة لكل من “مكتب التطوير لساحل عمان ” و” البعثة الطبية الكويتية” وحكومة أبوظبي بالإضافة إلى بعض الجاليات الأجنبية والقواعد البريطانية والإرساليات التبشيرية دور في إنشاء وتقديم هذه الخدمات . أما قبل هذا التاريخ عام (1943م) فقد كان العلاج في الإمارات يعتمد على ما يسمى “بالطب الشعبي” المتمثل في التداوي بالأعشاب ، والكي بالنار وجبائر الكسور ، فإذا ما إستعصى علاج مريض ما بإحدى هذه الوسائل البسيطة أرسل إلى البحرين ، أو إلى السعودية أو الكويت حيث يتوافر العلاج الحديث.
والعلاج الذي يقدمه الأطباء الموفدون من قبل المعتمد البريطاني في البحرين وزياراتهم الدورية أو التي تتم بناء على طلب بعض رؤساء القبائل والشيوخ .
مع بداية الستينات وبالتحديد في نوفمبر عام (1962م) وصلت إلى الإمارات أول بعثة طبية كويتية لتبدأ في تأسيس سلسلة من المستشفيات والمراكز الصحية في جميع الإمارات عدا إمارة أبوظبي . ويعد مستشفى الكويت بدبي أول مستشفى أقامته دولة الكويت في الإمارات وذلك عام 1962م حيث بدأ نشاطه كعيادة مزودة بقسم داخلي للنساء والتوليد ، ثم زودت بعد ذلك بالأقسام الأخرى .
وأفتتح رسمياً كمستشفى عام 1966م ، بحضور الشيخ صباح السالم الصباح أمير دولة الكويت آنذاك. ولا يزال المستشفى موجوداً في نفس الموقع الذي أنشئ فيه عام 1964م ، ويقدم خدماته حتى الوقت الحاضر (1993) .
وفي عام 1963م أنشأت الكويت أيضاً عدداً من العيادات في كل من الشارقة (10أسرة) وعجمان (7 أسرة ) وأم القيوين (12 سريراً ) ورأس الخيمة (18 سريراً ) وخورفكان (14 سريراً ) بالإضافة إلى أول مركز صحي في بر دبي (تقرير الخدمات الطبية بإمارات الخليج العربي عام 1970م . وفي عام 1965م تم تأسيس مجلس التطوير لساحل عمان ، حيث تولى هذا المجلس بالتعاون مع الحكومات المحلية في كل إمارة والبعثة الطبية الكويتية مهمة الإشراف المالي والإداري على المؤسسات الصحية العامة في جميع الإمارات ، عدا إمارة أبوظبي حيث تولت حكومة أبوظبي مهمة الإشراف على تقديم الخدمات الصحية في كل من العين وأبوظبي . وقد اقتصرت الخدمات الصحية في كلتا المدينتين خلال فترة الخمسينات وحتى منتصف الستينات على مستشفى واحد في مدينة العين (مستشفى كندي عام 1952م والمسمى حالياً مستشفى الواحة وقد تمت الإشارة إلى هذا المستشفى في جزء سابق من هذا البحث) والذي كان يخدم سكان العين وأبوظبي إلى أن تم افتتاح مستشفى أبوظبي المركزي كأول مستشفى ينشأ في مدينة أبوظبي وذلك في عام 1966م .
بالإضافة إلى ما سبق تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الجهات غير الحكومية قد ساهمت –إلى حد ما- في تقديم الخدمات الصحية بالدولة خلال مرحلة عام (1943م-1974م) . وتمثلت هذه الجهات في بعض الجاليات الأجنبية (وبخاصة الإيرانية ) والقواعد البريطانية الموجودة في المنطقة آنذاك . ويمكن تحديد إسهاماتها في مستشفى (سارة هاسمان) للنساء والتوليد والذي أنشئ في الشارقة عام 1952م والذي سبق ذكره أيضاً في جزء سابق ، والمستشفى الإيراني في كل من دبي والفجيرة وعجمان اللذان تم افتتاحهما من قبل الحكومة الإيرانية . ولا تزال هذه المستشفيات تعمل حتى الوقت الحاضر – أي حتى وقت الانتهاء من هذه الدراسة – وإن كانت هذه المستشفيات تعمل بطاقة سريرية محدودة لا تتجاوز (20) سريراً باستثناء المستشفى الإيراني في دبي (158 سريراً) .
مما تقدم يتضح أن الخدمات الصحية في الإمارات قد بدأت كخدمات علاجية في المستشفيات والعيادات الصحية . أما الخدمات الصحية والوقائية ممثلة في مراكز الصحة المدرسية والأمومة والطفولة ، حيث أنشئ عدد ضئيل منها مع قدوم البعثة الطبية الكويتية ، وإن اقتصرت خدمات هذه البعثة على طلبة المدارس بالإضافة إلى بعض الوحدات لتطعيم الأطفال ضد الأمراض المعدية .
أما فيما يتعلق بحجم الجهاز الطبي القائم على تقديم الخدمات الصحية في هذه الفترة فقد كان من الصعوبة الحصول على بيانات إحصائية دقيقة لها . وأقدم بيانات إحصائية أمكن الحصول عليها كانت لعام 1969م حيث قدرت البعثة الطبية الكويتية والتقرير السنوي لمستشفى المكتوم حجم الجهاز الطبي والفني والإداري وعدد المترددين على الأقسام الداخلية والعيادات الصحية في إمارات الساحل المتصالح حيث يتضح من البيانات الإسهام الواضح لدولة الكويت في تقديم الخدمات الصحية لإمارات المنطقة قبل قيام الاتحاد ، إذ أن أكثر من نصف الجهاز الطبي بفئاته المختلفة الموجودة آنذاك أي في عام(1969م) كان يتبع مالياً وإدارياً ورقابياً دولة الكويت . هذا مع الأخذ في الاعتبار الدور الذي كانت تقوم به المنشآت الصحية الأخرى التابعة لمكتب التطوير كمستشفى المكتوم ، والعيادات التابعة له ، من تلبية احتياجات السكان على مستوى الخدمات الصحية .
وفي الثاني من ديسمبر عام 1971م أعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وصدر الدستور الاتحادي المؤقت الذي ينص في مادته رقم 58 على إنشاء وزارة الصحة الاتحادية ضمن وزارات أخرى . وفي عام 1973م تولت وزارة الصحة مهمتها في الإشراف على توفير الرعاية الصحية والوقائية والعلاجية وما يتضمنها من إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية وإدارتها والمراقبة الفنية على منشآت القطاع الخاص المتصلة بهذا المجال. وفي الوقت نفسه أعطى الدستور للحكومة المحلية بكل إمارة الحق في إنشاء إدارات محلية لشؤون الصحة ، مما أدى إلى تعدد جهات تقديم الخدمات بالدولة . وقد لا يكون لوزارة الصحة الاتحادية حق الإشراف على هذه الجهات ، أو قد يكون الإشراف استشارياً أو رسمياً فقط .
ومع نهاية عام 1974م بلغ إجمالي المنشآت الصحية بالدولة بأنواعها المختلفة ( إتحادي ، محلي ، أخرى ) حوالي 41 منشأة بنسبة زيادة بلغت 78% مقارنة بأول بيانات توفرت عن هذه الخدمات في عام 1969 والتي تمت الإشارة إليها فيما تقدم .
المرحلة الثانية عام من 1975م ـ عام 1993م:
على الرغم من قصر المدة الزمنية التي استغرقتها هذه المرحلة (15 عاماً ) مقارنة بالمرحلة السابقة ، فإنها قد شهدت تطوراً كبيراً في الخدمات الصحية في دولة الإمارات سواء من حيث عدد المنشآت أو تنوع الخدمات بها . وغني عن الذكر أن هذا راجع بالدرجة الأولى إلى التغيرات الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها الدولة خلال هذه الفترة الزمنية . وعلى ذلك فإن ما شهدته الخدمات الصحية من نمو وتطور في هذه المرحلة ـ مقارنة بالمرحلة السابقة ـ جدير بالدارسة المتأنية سواء على مستوى الدولة ككل .
ويعد هذا التوسع الكبير في هذه الخدمات انعكاساً لأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها الدولة ضمن خطتها الخمسية الأولى والثانية والتي جاءت ـ أي الخطط ـ استجابة للزيادة السكانية التي شهدتها الدولة خلال فترة السبعينات من جهة ، وهي من جهة أخرى استجابة لما رافق ارتفاع معدلات الدخل القومي ومستويات المعيشة من زيادة في الطلب على الخدمات الصحية .
الفترة الثالثة والتي امتدت من عام 1985م ـ 1989م
فقد تم خلال هذه الفترة إضافة نحو (337) منشأة صحية أي ما يعادل (46% من جملة المنشآت الصحية بالدولة ) وربما ترجع الزيادة الواضحة في عدد المنشآت الصحية خلال هذه الفترة إلى زيادة عدد العيادات الطبية التابعة للقطاع الخاص .
أما عام 1990م فقد شهد طفرة كبيرة في عدد المنشآت الصحية .حيث أضيفت (116) منشأة صحية خلال عام واحد فقط. وهو أعلى عدد من المنشآت أضيف خلال فترة وجيزة . وإن كانت غالبية هذه الإضافة قد تركزت في العيادات الخاصة .
نخلص مما تقدم بأن تطور المنشآت الصحية بدولة الإمارات قد تميز بوجود ما يمكن تسميته بمرحلة القمة التي مثلتها الفترة ما بين عام(1980م -1985م) ، حيث تميزت بنسب تغير سريعة جداً . في حين سبق هذه القمة ولحقتها مرحلتان من النمو البطيء نسبياً مقارنة بمرحلة (القة) ، وذلك كانعكاس أساسي لمجموعة المعطيات الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها دولة الإمارات .
شكرا لك عزيزتي ..,,
موضوع قيم وراائع ..,,
•.♥.• دمتم في حفظ الرحمن •.♥.•
•.♥.• الحساسة الألماسة •.♥.•