تتحدث هذه الدراسة عن إحدى جرائم الاعتداء على الأموال، وهي جريمة الاحتيال في قانون العقوبات في ضوء بعض القوانين الجزائية، وقد اشتملت هذه الدراسة على ثلاثة فصول.
حيث تناولت في الفصل التمهيدي الحديث عن ماهية الاحتيال من خلال تعريف الاحتيال فقها وقضاء، وبينت خصائص جريمة الاحتيال، فهي من جرائم الأموال، وذات طابع ذهني، وأنها تقوم على تغيير الحقيقة، وهي من الجرائم القصدية، وان لإرادة المجني عليه دوراً أساسياً في هذه الجريمة، وبحثت في الأحكام المشتركة بين جريمة الاحتيال وجرائم السرقة وإساءة الائتمان و الفرق بينهما، وأوضحت الفرق بين الاحتيال الجنائي و التدليس المدني والتزوير، والفرق بين جريمة الاحتيال والجرائم الملحقة بالاحتيال.
أما الفصل الأول فقد خصصته للحديث عن أركان جريمة الاحتيال، فبحثت في الركن المادي، وبينت الفعل الجرمي لجريمة الاحتيال من خلال عرض وسائل الاحتيال وهي الطرق الاحتيالية، واتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، والتصرف في مال منقول أو عقار. ووجدت أن الكذب هو جوهر الاحتيال ولكنه لا يكفي وحده حيث يجب أن يكون مدعماً بمظاهر خارجية، كالاستعانة بشخص ثالث يؤيد ادعاءات الجاني الكاذبة، وإساءة استخدام صفة صحيحة، والتصنع أو التظاهر بمظاهر معينة ليدعم الجاني بها مزاعمه الكاذبة.
وبعد الطرق الاحتيالية عرضت غاية هذه الطرق كما حددتها بعض التشريعات مثل قانون العقوبات الاردني والمصري، وهي الإيهام بوجود مشروع كاذب، والإيهام بوجود واقعة مزورة، وأحداث الأمل بحصول ربح وهمي، وإحداث الأمل بتسديد المبلغ الذي اخذ بطريق الاحتيال، والإيهام بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور.
وبينت أن الوسيلة الثانية من وسائل الاحتيال اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة هي وسيلة مستقلة لا ينبغي أن تقترن باستعمال طرق احتيالية أو تدعم بمظاهر خارجية. وبينت أيضا الوسيلة الثالثة وهي الاحتيال بطريق التصرف في مال منقول أو عقار والتي يشترط لتحقيقها أن يكون هذا المال ليس ملكاً للجاني ولا له حق التصرف فيه.
أما العنصر الثاني في الركن المادي لجريمة الاحتيال فهي النتيجة الجرمية والتي تتمثل في تسليم المال للجاني حيث تتجه إرادة المجني عليه وهي إرادة معيبة إلى التسليم هذا المال.
وأظهرت علاقة السببية بين الفعل الجرمي والنتيجة، ولتحقيق هذه العلاقة ما بين فعل الاحتيال وتسليم المال تستلزم أولاً أن يؤدي فعل الاحتيال إلى وقوع المجني عليه في الغلط، وتستلزم ثانياً أن يكون الغلط الذي وقع فيه المجني عليه هو الذي دفعه إلى تسليم المال إلى الجاني، وتستلزم ثالثاً أن يسبق فعل الاحتيال تسليم المال.
وأوجدت انه إذا لم يحصل التسليم ولم تتحقق النتيجة فان ذلك لا يعفي الجاني من العقاب، إذ يعتبر شارعاً في الجريمة إذا كان قد بدأ بارتكاب أحدى وسائل الاحتيال ولم يحصل التسليم لسبب خارج عن إرادته.
وبينت الركن الثاني من أركان جريمة الاحتيال وهو الركن المعنوي، وانه يلزم بالإضافة إلى القصد العام الذي يتكون من العلم بالاحتيال وإرادة ارتكاب الاحتيال، يلزم قصداً خاصاً وهو توجيه نية الجاني إلى تملك الشيء الذي تسلمه من المجني عليه. ومتى توافر القصد الجنائي بشقيه العام والخاص فلا عبرة ولا تأثير للباعث على ارتكاب جريمة الاحتيال، حيث لا يعتبر الباعث عنصر من عناصر الجريمة، فمهما كان الدافع أو الباعث وراء ارتكاب جريمة الاحتيال نبيلاً او دنيئاً، لا ينفي وقوع جريمة الاحتيال.
وفي الفصل الثاني بحثت في عقوبة جريمة الاحتيال، وبينت عقوبة الجريمة التامة، ووجدت أن عقوبة الاحتيال تشدد في الظروف التالية: الاحتيال لتأمين وظيفة عامة، والاحتيال بمناسبة إصدار أسهم أو سندات، والاحتيال إضرارا بالدولة أو أي هيئة عمومية، واحتيال المفوض بالتوقيع. وأظهرت انه يوجد في بعض التشريعات الجزائية ظروف تخفف من عقوبة الاحتيال وظروف تعفي من العقوبة، إذا حصلت الجريمة بين زوج أو زوجته أو احد الأصول أو الفروع ألا بناء على شكوى طلب المجني عليه. أما تخفيف العقوبة فقد وجدته في قانون العقوبات الأردني حيث تخفف العقوبة إلى النصف، إذا كان الضرر الناتج عنها أو النفع الذي قصد الفاعل اجتلابه منها تافهين، أو كان الضرر قد أزيل كله قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة.
ووجدت أن اغلب التشريعات الجزائية لم تنص على عقوبات تبعية لعقوبة جريمة الاحتيال.
وبحثت في عقوبة الشروع في جريمة الاحتيال من حيث النص عليها في القوانين الجزائية من عدمه، ومن حيث مقدار العقوبة.
النص الكامل
https://www.najah.edu/modules/graduat…d=5171752&l=ar