سلطان القاسمي يفتتح مؤتمر تاريخ العلوم عند العرب في جامعة الشارقة
شهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى لجامعة الشارقة صباح أمس حفل افتتاح المؤتمر الدولي الأول حول تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين الذي تنظمه كلية الآداب والعلوم بالتعاون مع كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة والاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك تحت شعار «إسهامات العرب والمسلمين العلمية في خدمة الإنسانية» بمشاركة 312 مشاركا من 35 دولة من المهتمين في مختلف العلوم التراثية الإسلامية من علماء وباحثين ومنظمات وجامعات وجمعيات علمية عربية وإقليمية وعالمية كما افتتح سموه معرض الصور والمخطوطات التراثية المصاحب للمؤتمر.
وأعلن الدكتور إسماعيل بن محمد البشري مدير جامعة الشارقة رئيس المؤتمر عن موافقة صاحب السمو على قبول الرئاسة الفخرية لمؤسسة الدولية لتأريخ العلوم عند المسلمين ومقرها الشارقة.
وأكد في كلمة له أن ما يشهده العالم اليوم مرده إلى تلك الكنوز التي جادت بها قرائح علمائنا السالفين في مختلف حقول الثقافة والمعرفة. مشيرا إلى أنّ الأمة الأصيلة هي الأمة التي تستنطق ماضيها لإثراء حاضرها العلمي في عالمها المعاصر على أسس متينة من الرسوخ والشموخ، ليكون أصل ثقافتها ثابتا وفرعها مرتفعا ارتفاع السماء لتؤتي أكلها المعرفي كل حين.
وقال البشري ان جامعة الشارقة آلت على نفسها أن لا تألو جهدا في سبيل الثقافة التي تربط الحضارات الإنسانية برباط علمي متين. وشدد على أن المؤتمر يضع أبناء أمة العرب والإسلام أمام المسؤولية العظمى في الحفاظ على تراثهم الغني، وفي صنع الأنسال والأجيال القادمة فكريا على ثوابت ذلك التراث وقيمه الأصيلة، لتبقى هذه الأمة آخذة كتابها بقوة، متفقهة في أمر حياتها، مؤمنة بسمو دينها الذي قادها إلى أفضل حضارة، ولترفع الظلم الذي أصابها في عقول كثير ممن لا يعرفون حقيقتها.
واستعرض الدكتور حميد مجول النعيمي عميد كلية الآداب والعلوم رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك أسباب إقامة المؤتمر والمتمثلة في إظهار أثر العلماء العرب والمسلمين في تقدم الحضارات الإنسانية في مختلف الجوانب العلمية وكيف أنهم قادوا تلك الحضارات إلى جنة العلم والثقافة وإبراز الشهادات التي سطرها ونطق بها غير المسلمين بشأن منجزات العلماء العرب والمسلمين وإنصافهم في ردِّ فضل العلم إليهم،.
وتوثيق تلك الشهادات وتجليَّة إسهامات أهل العلم من العرب والمسلمين في العلوم الإنسانية والكونية والطبية والزراعية وغيرها والاحتفاء بمناسبة مرور ألف عام على نشأة العلم الحديث، إذ إنه بهذا العام 2024 يكون قد مرَّ على بزوغ فجر العلم الحديث ألف عام تقريباً، وأسباب أخرى عديدة.
350 بحثا
وأوضح أن اللجنة المنظمة للحدث قد تلقت أكثر من ثلاثمائة وخمسين بحثاً، قبل منها (170 ) بحثاً للإلقاء و ( 50 ) بحثاً ملصقاً جدارياً حيث وزعت البحوث على إحدى عشرة جلسة علمية رئيسة وثلاث جلسات فرعية متوازية، بمجموع ثلاث و ثلاثين، وبمعدل خمس أوراق بحثية في كل جلسة، ضمن محاور المؤتمر العلمية والطبية والهندسية والتاريخية و الشرعية واللغوية.
من جانبه قال الدكتور بول كوينتش من جامعة ميونيخ في ألمانيا ان المؤتمر فرصة لمناقشة دور العرب والمسلمين ومساهمتهم في تطوير شتى العلوم ونشرها في مختلف أنحاء العالم شرقاً وغرباً حيث جاء تطور العلوم عالمياً لا على الطريق المنعزلة بل إنما على طريق التعارف والاحتكاك بين الشعوب والحضارات. وكان للعرب وللمسلمين في هذا المسير من الأخذ والعطاء نصيب عظيم مهم.
أسماء عربية قديمة
وأكد أن العلوم المختلفة أخذت انطلاقتها عند العرب والمسلمين بعد فتوح البلدان المجاورة لوطن العرب، الجزيرة العربية، حيث عثروا في المناطق المفتوحة على ما تبقى ويمارس هناك، واقتنوا تلك العلوم في موجة واسعة من الترجمات العربية، تبنوها وطوروها وابتكروا ما اشتهر فيما بعد في الغرب وعالمياً ك«علوم العرب».
وقال انه يوجد أكثر من مائتي اسم عربي للنجوم في أطالس الفلك الحديثة، منها أسماء عربية قديمة أصيلة مثل الدبران أو بنات نعش أو النسر الواقع والنسر الطائر وغيرها، وأسماء مقتبسة عن المراجع اليونانية مثال كتاب المجسطي لبطليموس، مثل ذنب الأسد وذنب الجدي ورجل الجبار وغيرها.
كما سميت بعض فوهات القمر بأسماء فلكيين عرب ومسلمين مشهورين مثل الفراغاني والبتاني والبطروجي وغيرهم وهي أمثال تشهد بدور العرب والمسلمين وأهمية مساهمتهم في تطوير العلوم عبر التاريخ الإنساني.
وقدم دكتور سليم الحسني رئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا في بريطانيا مداخلة بعنوان ( ألف سنة وسنة مفقودة في تاريخ الصناعة الإسلامية والعربية) وأثر الصناعة العربية والإسلامية في الحاضرة الغربية، وألقاها نيابة عنه دكتور محمد القماطي أستاذ الفيزياء بجامعة لندن.
وقال إن الغرب يحاول تهميش دور العرب والمسلمين في تطوير الحضارة العالمية، مشيرا إلى أنهم يعلمون أطفالهم أن التاريخ بدأ من الإغريق ثم الرومان ثم تكون العصور الوسطى وبعد ذلك تأتي الثورة الصناعية والتقدم الذي نشهده حاليا.
وقدمت الدراسة في المقابل نظرة مخالفة لهذا المنظور أثبت فيها أن العرب والمسلمين لعبوا دورا ريادا في تطوير العلوم، خصوصا في العصور الوسطى وهو ما يحاول الغرب طمسه وإخفاءه ويرفض الاعتراف به.
بدوره قدم الدكتور احمد جبار من جامعة ليل للعلوم والتكنولوجيا في فرنسا ورقة حول مساهمة العرب والمسلمين في إنشاء مادّة علمية جديدة.
وتفقد صاحب السمو حاكم الشارقة يرافقه الحضور معرض الصور والمخطوطات التراثية الذي يقام على هامش المؤتمر.
كما تسلم هدية تذكارية قدمها الدكتور حميد مجول النعيمي عميد كلية الآداب والعلوم باسم جامعة الشارقة.كما كرم سموه في نهاية الحفل الجهات الراعية للمؤتمر.
أوراق وورش عمل على مدار أربعة أيام
يناقش المشاركون في المؤتمر على مدار أربعة أيام العديد من المحاور وأوراق العمل والتي من بينها محور حول المنظومة العلمية في الحضارة الإسلامية من حيث العلم والعقل في الإسلام ومناهج البحث العلمي عند المسلمين وأثرها في تقدم العلوم وعلم الإنسان والكون في التصور الإسلامي.
كما يناقش المؤتمر محورا حول إسهامات العلماء المسلمين في ميدان العلوم والهندسة من حيث علوم الفلك والكون والجو والأجهزة والمراصد الفلكية والتطبيقات الفلكية في الشريعة الإسلامية والعلوم الإنسانية والعلوم الطبية فضلا عن محور حول العلوم الأساسية والتطبيقية الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الأرض والفنون الإسلامية والتطبيقات الصناعية والعلوم الهندسية والميكانيكية وعلوم الزراعة والتربة والمياه والعلوم الجغرافية والبحار.
بالإضافة إلى محور يبحث في إسهامات المسلمين في التعايش بين الحضارات وآخر يبحث في التفاعل العلمي بين الحضارات من منظور إسلامي، ومحور يبحث في أسس التفاعل العلمي في الإسلام من حيث وسائل التقارب العلمي وشهادات غير المسلمين في إنصاف الإنجازات العلمية عند المسلمين، وسيصار إلى تقديم نماذج تطبيقية في إطار المحور الأخير.
كما يصاحب المؤتمر إقامة عدد من ورش العمل منها ثلاث ورش عمل علمية تتصل الأولى بتراث علوم الفلك والفضاء والجو بما في ذلك التطبيقات الفلكية في الشريعة الإسلامية والثانية تتصل بالطب البديل وينظمها أطباء وخبراء في التخصص والثالثة عقدت أمس وشارك فيها موجهو الفيزياء بمناطق الدولة التعليمية المختلفة ومدرسو الفيزياء في عدد من المدارس الثانوية بحثت في الفيزياء والبصريات على مبدأ ابن الهيثم، وقد نظمها عالم فيزياء من جامعة «أريزونا الأميركية».
الشارقة ـ نورا الأمير