(( لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين * إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب
إلي أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين * اقتلوا يوسف أو اطرحوه
أرضا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين ))
المتتبع لقصة يوسف عليه السلام مع إخوته ، يتضح له أن الغيرة الناتجة
عن زيادة حب يعقوب لولده يوسف عليهما السلام كانت دافعا قويا لأشقائه
فى التفكير فى قتله والتخلص منه ، فالغيرة مشكلة لا يستهان بها.
وتعتبر الغيرة من المشاكل الطبيعية بالنسبة للطفل ، وقد يكون لها أثر إيجابى
فى دفعه لكى يكون أفضل وأحسن مما هو عليه ..
لكنها فى بعض الأحيان تخرج عن حد الاعتدال ، وهنا تسبب للطفل مشكلات
كثيرة ، وقد تؤدى الغيرة إلى المشاجرة والاعتداء على الآخرين.
ومن مظاهر الغيرة
– الغضب بمظاهره المختلفة من ضرب أو سب أو تخريب أو ثورة أو نقد
وغير ذلك .
– ومن مظاهرها كذلك الميل للصمت أو الانسحاب والانطواء أو فقد الشهية.
وقد ينعكس التأثير النفسى للغيرة على الصحة الجسمانية للطفل ،
فقد ينقص وزنه ويشعر بالتعب أو يصاب بالصداع.
– ومن مظاهر الغيرة التفريق فى المعاملة بينه وبين إخوته ، لذلك نهى رسولنا
صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقد روى عن أنس رضى الله عنه أن رجلا كان
عند النبى صلى الله عليه وسلم ، فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه ، وجاءته
بنت له فأجلسها بين يديه ، فقال صلى الله عليه وسلم :
" ألا سويت بينهم ؟ "
– وتحدث الغيرة من المقارنة بين طفل وآخر ، وتؤدى هذه المقارنة إلى
خلق عقدة النقص وإضعاف الثقة فى نفس الطفل لدرجة قد تصيبه بمشاعر
الإحباط.
– أما أشد أنواع الغيرة تأثيرا على نفس الطفل ..
فهو ما يأتى نتيجة لشعوره بالنقص خاصة إذا ما كانت جوانب النقص هذه
ترجع إلى عيوب جسمية أو عقلية.
العلاج
إذا كانت مشاعر القلق والخوف وضعف الثقة بالنفس والتفريق فى المعاملة
من أهم العوامل التى تولد الإحساس بالغيرة لدى الطفل ، فإن إزالة أسباب
هذه المشاعر تعتبر من أولى الخطوات لعلاج الغيرة عند الطفل ، ويصبح من
الضرورى إعادة أو زيادة الثقة فى نفسه ، وإسناد بعض المهام التى فى
استطاعته القيام بها ، والثناء عليه عند النجاح فيها.
وعلى المربى أن يكون حكيما فى تربية الولد ، وذلك باتباع أنجح الوسائل
فى إزالة ظاهرة الغيرة من نفسه..
فإذا كان مجىء وليد جديد فى الأسرة يشعره بفقدان محبة أبويه وعطفهما ،
فعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما فى إشعاره أن هذه المحبة باقية ولن تزول ،
لأن تفضيل أحد إخوته عليه فى معاملة أو عطاء يغيظه ، ويولد فى نفسه الغيرة.
فعلى الآباء العدل والمساواة بين أبنائهم.
وعلاج الحسد والغيرة أمر حث عليه الإسلام ، لما للغيرة والحسد من خطر كبير
على المجتمع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا "