تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التربية أولاً

التربية أولاً 2024.

التربية أولاً

يتطلب عمل المعلم صفات خاصة جداً، نظراً لحساسية وظيفته ودوره، وقد يمتلك المعلم كل المهارات والصفات العلمية والمهنية، ولكن الأهم هو الصفات الأخلاقية، فنحن بحاجة إلى المعلم القدوة، صاحب الضمير الحي دائماً، الأب، وهم كُثر – والحمد لله – ولكنهم جنود مجهولون، لا ينتظرون ثناء وشكراً من أحد..

ولن نستطيع إيفاءهم حقهم مهما بذلنا لهم من غال ونفيس، لأنهم حقاً شموع تحترق لتنير دروب الآخرين.

يعاني الجميع مشكلة حقيقية، في تدريس أبنائهم، ويحمّل الجميع المعلم – وأقصد المعلم والمعلمة – مسؤولية فشل أبنائهم، ولا يعترف إلا القليل منا، ممن عملوا في هذا الميدان الجميل الشائك المليء بالشوك والإحباطات، بفضل هذا المعلم على أبنائهم في حال نجاحهم وتفوقهم، فالمعلم في الغالب يُحَمّل مسؤولية الفشل فقط، دون النظر إلى الأسباب الحقيقية لذلك.

تسبق مهمة التربية مهمة التعليم، وحتى في التسمية تسمى وزارة التربية والتعليم، وفي هذا دلالة واضحة على أن التربية تلعب دوراً كبيراً في التعليم، وعندما تتوافر الشروط المناسبة لنجاح مهمة التربية، سيكون الطريق ممهداً للقيام بمهمة التعليم في ظروف صحية وصحيحة، وإذا لم يدخل المعلم إلى نفس الطالب وعقله وقلبه، فلن يكتب لمهمته النجاح، وهذا يتطلب من المعلم امتلاك الوسائل اللازمة لذلك، ليستطيع معرفة الفروق الفردية بين طلابه، والتعامل مع كل طالب على أنه هو المستهدف من العملية التربوية والتعليمية.

قد يكون المعلم على درجة عالية من الإحاطة بمادته، من كل جوانبها، ولا تشوب قدرته المعرفية شائبة، ولكنه لا يمتلك الطرق الصحيحة لإيصال مادته، بداية بما يسمى التهيئة الصفية، التي تعتمد على المعلم والطالب معاً، ولكن دور المعلم هنا هو الأساس، فلن يستطيع المعلم توصيل المعلومة للطالب، إذا لم تتوافر شروط إيصالها، ومن أهم هذه الشروط، وجود أرضية تربوية صحيحة عند الطالب، تلعب الأسرة دوراً أساسياً فيها، وإذا افتُقد دور الأسرة أصبحت مهمة المعلم نوعاً من الحفر في الصخر، وازداد العبء عليه، بالقيام بمهمتين شاقتين (التربية والتعليم)، فمن الضروري جداً أن تؤدي الأسرة واجبها تجاه ابنها بتربيته وتهيئة الظروف المناسبة له للدخول في العملية التعليمية، وتسهيل مهمة المعلم، الذي يأتي دوره التربوي مكملاً لدور الأسرة وليس بديلاً، وقد أثبتت التجارب العملية صعوبة إنجاز مهمة التعليم دون توافر الشروط التربوية الصحيحة.

على المعلم النظر إلى مهمته على أنها رسالة، وليست مجرد مهنة لكسب لقمة العيش، فالأمر هنا يتعلق بجيل، والمعلم الذي «يقطّع الوقت»، و»يشغّل العدّاد» على الطلاب دون أن يبذل كل جهده، هو خائن للأمانة، وهو لا يخرب ويدمر مستقبل طالب أو صف طلاب، إنما يدمر ويخرب جيلاً بأكمله، يسرق ويختلس من جيوب الأهالي، الذين وضعوا فلذات أكبادهم أمانة، في عنقه.

للتربية والتعليم خصوصية، وإن كانت «الخصخصة» قد دخلت هذا القطاع المهم، فلا يجوز النظر للعملية بالمقاييس التجارية، فالمعلم هنا هو جوهرها وأساسها، ولكن لا يجوز تحميله كامل المسؤولية، ودفعه إلى الميدان، دون تهيئة الظروف المناسبة لأداء رسالته على الوجه المطلوب.

حســـب المعــلم غمَــّـة وكـآبة مـــرأى الدفـــاتر بكــرة وأصـــيـلا

مـئة على مـئة إذا هـي صـلِّحـت وجــد العـــمى نحو العيون سـبيلا

وأكاد أبعـث سـيبويه من البـلى وذويــه مـن أهــل القـــرون الأُولى

ــفأرى حمــاراً بعـــد ذلك كــلّه رفَــعَ المضــاف إليـــه والمفعـــولا

لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة ووقعــت ما بين الفصــول قـتيـلا

يا مـــن يريــد الانتحــار وجـدته إنَّ المعــــــلـم لا يعــيـش طـويـلا

بالفصيح: لا يُحسَد المعلم إلّا بصره!

بدعت اناملك اخوي ..
اشكرك ع تواصلك وتفاعلك الشيق في المنتدى ..
دمت بود , اخوك صالح المنصوري
اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.