قصيدة في طلب العلم
قال الحافظ أبو عمر بن عبدالبر في كتابه جامع بيان العلم وفضله ( وأحسن ما رأيت في آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤي من الرجز ، وبعضهم ينسبه إلى المأمون
واعلـم بـأن العلـم بالتعـلـمِ
والحفـظِ والإتقـانِ والتفـهـمِ
والعلـمُ قـد يُرزَقـه الصغيـرُ
فـي سنـه ويُحـرم الكبـيـرُ
وإنمـا الـمـرءُ بأَصْغَـريْـهِ
ليـس برجلـيْـه ولا يـديْـهِ
لسـانُـه وقلـبُـه المـركـبُ
في صدرِهِ وذاك خلـقٌ عَجـبُ
والعلـمُ بالفهـمِ وبالمـذاكـرَهْ
والدرسِ والفكـرةِ والمناظـرَه
فـربَّ إنسـانٍ يَنـال الحِفْظَـا
ويُوردُ النصَّ ويَحكـي اللَّفْظـاَ
وما لـه فـي غيـرِهِ نصيـبُ
مِمّـا حـواه العالـمُ الأديــبُ
وربّ ذي حرصٍ شديد الحـبِّ
للعلـمِ والذُكـر بليـد القـلـبِ
معجز فـي الحفـظِ والروايـهْ
ليستْ له عمِّـن رَوَى حِكايـهْ
وآخَـرُ يُعطـى بـلا اجْتهـادِ
حفظاً لما قد جاء فـي الإسنـادِ
يهـذه بالقـلـب لا بنـاظـرهْ
ليس بمضطـرٍ إلـى قماطـرهْ
***
فالتمسِ العلمَ وأَجْمِل في الطلَبْ
والعلـم لا يَحسـنُ إلا بـالأدبْ
والأدبُ النافعُ حسـنُ الصمـتِ
وفي كثير القولِ بعضُ المقـتِ
فكُن لحسن السمـت مـا حَيِتَـا
مقارنـاً تُحمـد مـا بقـيـتَ
وإنْ بدت بيـن أنـاسٍ مسألـهْ
معروفةٌ في العلـمِ أو مُفتعَلـهْ
فلا تكن إلـى الجـوابِ سابقـاً
حتى تَرَى غيرَك فيهـا ناطقـاً
فكم رأيتُ من عجـولٍ سابـقِ
من غير فهـمٍ بالخطـأ ناطـقِ
أزرى بهِ ذلك فـي المجالـسِ
عنـد ذوي الألبـابِ والتنافـسِ
وقُـلْ إذا أعيـاكَ ذاك الأمـرُ
مالي بمـا تسـأل عنـه خُبْـرُ
فذاك شطرُ العلمِ عنـد العلمـا
كذاك ما زالتْ تقـول الحُكمـا
والصمت فاعلم بك حقاً أزيـن ُ
وإنْ لم يكن عندك علـمٌ متقـنُ
إياك والعجـب بفضـل رأيِكـا
واحذر جوابَ القولِ من خطائكا
***
كم من جوابٍ أعقـبَ الندامـهْ
فاغتَنِمِ الصمتَ مـع السَّلامـهْ
العلـم بحـرٌ منتهـاه يبـعـد
ليـس لـه حـدٌ إليـه يقصـدُ
وليس كلُّ العلـمِ قـد حويتَـه
أجَل ولا العُشر ولـو أحصيتَـه
وما بَقِـي عليـكَ منـه أكثـرُ
ممـا علِمـتَ والجـوادُ يَعْثُـرُ
فكُـنْ لمـا سمعتَـهُ مستفِهمـا
إن أنتَ لم تفهـمْ منـه الكلِمـا
القول قـولانِ : فقـولٌ تعقِلُـهْ
وآخــرُ تسمـعُـهُ فتجهَـلُـهْ
وكـل قـولٍ فـلـهُ جــوابُ
يجمعُـهُ الباطـلُ والـصـوابُ
ولـلـكـلامِ أولٌ وآخــــرُ
فافهمهما والذهنُ منك حاضـرُ
فربمـا أعْيـا ذوي الفضائـلِ
جواب ما يُلقى مـن المسائـلِ
فيُمسكوا بالصمتِ عن جوابـهِ
عند اعتراضِ الشكِّ في صوابهِ
ولو يكون القولُ فـي القيـاسِ
من فضَّةٍ بيضاءَ عنـد النـاسِ
إذاً لكان الصمتُ من خير الذهبْ
فافهم هـداك الله آداب الطلـبْ
منقول
بجد القصيدة أكثر من رائعة
ولي شرف الرد الأول