الدوحة – فتحي إبراهيم بيوض
أبدى الدكتور خالد النعيمي رئيس الاتحاد العربي للمكفوفين عدم رضا الاتحاد عن الأساليب المتبعة في جميع الدول العربية لتوظيف ذوي الإعاقة، واصفاً إياها «بالبرستيج»، وصنفها إما توظيفاً لمجرد استيعاب النسب المفروضة على المؤسسة الحكومية من ذوي الإعاقة ومن ثم تجميد ذي الإعاقة وإرساله ببعض الحالات إلى منزله مع دفع مرتبه، أو مداومته بشكل جزئي، أو تجميده ضمن مكتبه، وعدم إعطائه فرصةً لإثبات الذات أو تطوير نفسه أو حتى القيام بمهام وظيفية كبيرة؛ ليموت بذلك حماسه وإبداعه الذي يفوق أحياناً إبداع وجهود الموظفين الأصحاء.
وقال النعيمي : إن لهاتين الطريقتين أثرهما البالغ على نفسية المعاق، وهز ثقته بنفسه وبالمجتمع، وبالتالي تركه لليأس ووأد طموحه وإبداعه.
وطالب النعيمي بتحرير المعاق الموظف وإعطائه الثقة والفرصة ضارباً مثلاُ بالدكتور طه حسين الذي تولى منصب وزيرٍ في عصر لم تكن التكنولوجيا متاحة فيه كاليوم..وكذلك عمدة بلدة بون قبل توحيد ألمانيا عام1986 الذي كان كفيفاً، وتساءل ما هو الذي يميز هؤلاء عن المكفوفين في العالم العربي والمعاقين بصفة عامه؟… وأضاف: عند تأسيس الاتحاد فوجئنا بحجم التجاوز الكبير على حقوق المعاق الوظيفية في البلاد العربية والمخالفات المتعددة والمتنوعة الواضحة لأنظمة ومعايير الأمم المتحدة، لكن مع الجهود المبذولة من جانب الاتحاد، وجهات أخرى تحسن الوضع قليلاً، لكننا مازلنا في البداية، وأردف بقوله: المشكلة الحقيقية هي في نظرة المجتمع لذي الإعاقة، فهي إما نظرة عطف ومجاملة أو نظرة عدم ثقة وعدم اكتراث، وفي النظرتين يظلم المعاق ويتسرب إلى داخله إحساس بالضعف وعدم الفائدة.
وتمنى النعيمي أن يكون إعطاء حقوق ذي الإعاقة من وازع ديني ووطني قبل أي اتفاقية دولية لأن الإسلام قد أعطى كل ذي حق حقه قبل جميع الاتفاقيات بشتى أنواعها. وأضاف في دولة قطر تحسن الوضع بعد الاهتمام الرسمي الكبير في توظيف ذوي الإعاقة.
من جهتها قالت الدكتورة أمينة الهيل منسقة الدمج الأكاديمي للجانب النفسي في وزارة التربية والتعليم والمرشدة النفسية إن ذوي الإعاقة في قطر يحظون بفرص عمل جيدة، في شتى المجالات، وأضافت: في وزارة التربية، تقلَّد ذوو الإعاقة عدداً من المناصب القيادية في المعاهد والمراكز التعليمية والتخصصية، بالإضافة لعملهم في مجال التكنولوجيا والإنترنت، ونوهت الهيل إلى أن الوظيفة يجب أن تناسب الإعاقة، فلا يعقل أن نوظف ذوي إعاقة سمعية للتعامل مع الجمهور بشكل مباشر، أو ذوي إعاقة بصرية في دائرة تدقيق معاملات مثلا، وأكدت أنه من الأهمية بمكان أن يعيَّ ذوو الإعاقة هذه الجزئية.
تفاؤل بتوظيف ذوي الإعاقة
وتحدثت الدكتورة حياة نظر حجي مديرة معهد النور للمكفوفين لـ «العرب» بكثير من التفاؤل حول مستقبل توظيف ذوي الإعاقة بقطر وقالت: منذ قانون العام 2024 الذي حدد نسباً معينة لتوظيف المعاقين في المؤسسات والذي عكس اهتماماً أميرياً كبيراً بهذه الفئة، تحسنت وتيرة توظيف ذوي الإعاقة بشكل ملموس، وازداد تواجدهم في سوق العمل بأنواعه، ونحن في معهد النور نسعى من خلال العلاقات العامة لإيجاد فرص توظيف لمنتسبي المركز باستقبال طلبات توظيفهم ثم التواصل مع المؤسسات بمختلف تخصصاتها لتعرف الشواغر الوظيفية لديهم وأي مستوى من التعليم والاختصاص تحتاج ثم ننسق معهم ونوظف ذا الإعاقة المناسب، وأضافت أجد ذوي الإعاقة قادرين على القيام بواجبهم الوظيفي بأكمل وجه إذا وضعوا في المكان المناسب، وضربت مثلا بأخيها الباحث القانوني الأستاذ حسين نظر حجي، العامل في وزارة العدل وهو منتج ومتحمس لعمله بالإضافة لعدد من المدرسين ومساعدي المدرسين في المركز، وأنهت حديثها بالقول: أنا متفائلة بمستقبل توظيف ذوي الإعاقة في قطر.
مع موظفين من ذوي الإعاقة
الباحث القانوني ــ ذو إعاقة بصريةــ الأستاذ حسين نظر حجي والموظف بوزارة العدل أكد لـ «العرب» أنه لا فرق في بيئة عمله بين ذي الإعاقة وغير المعاق، فهو يعمل بإدارة الفتوى والعقود في وزارة العدل، بالإضافة لشغل منصب منسق الأنشطة والبرامج في الجمعية القطرية لذوي الاحتياجات الخاصة وخريج جامعة قطر، ويضيف: عندما ذهبت لفحص المقابلة قبل التوظيف لم أحس بمعاملة خاصة، بل كان التركيز على إمكانياتي وقدرتي في إنجاح العمل، وحتى عندما استلمت العمل كان التركيز الأول على مقوماتي العملية وليس العطف، وأضاف: أستخدم برنامجاً معيناً على قراءة ما أريده من موضوعات وملفات عمل عبر الكمبيوتر الشخصي وأقوم بتحريرها وإرسالها للجهة المعنية في الوزارة، حيث يقوم الطباعيون بإرسال نسخة عملي إلكترونية لسماعها، وأضاف أجد عمل المعاق في المجال الحكومي أضمن له من العمل في الشركات الخاصة، حيث تعتبر المؤسسات الحكومية ضماناً مستقبلياً لذوي الإعاقة، وتقدم له جميع ما يحتاج على الصعيد العملي، ونوه إلى تفهم المجتمع القطري لاحتياجات ذو ي الإعاقة الموظف والتعامل معه بما يؤدي إلى تطوير العمل.
ذات إعاقة تعمل في مؤسسة خيرية، رفضت نشر اسمها أكدت لـ «العرب» أن المصاعب لا بد منها في بداية العمل، حتى يتأقلم ذوو الإعاقة مع الوضع الجديد، وتابعت: ربما تكون المصاعب جسدية في حركة العمل أو نفسية من الجو العام، ولكن مع الإرادة و التصميم ينتصر عليها ذو الإعاقة كما انتصر على مشاكل الدراسة والحياة الاجتماعية من قبل، ورأت أن ظاهرة تجميد ذي الإعاقة وظيفياً منتشرة أكثر في القطاع الخاص، أما الحكومي فهو مفضل لذوي الإعاقة نظراً لما يقدم من رواتب جيدة ورعاية وتثبيت وظيفي، وأضافت: لاحظت شخصياً أن أغلب الموظفين في مراكز رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة من ذوي الإعاقة أنفسهم وهذا شيء مهم، يصب في مصلحة ذوي الإعاقة العامة، ويؤمن بيئة عمل أكثر ارتباطاً مع المعاق واحتياجاته الخاصة.
فاطمة المري ــ ذات إعاقة بصريةــ مساعد مدرس في معهد النور أضافت: يستطيع الكفيف العمل في عدة مجالات، ولا يجب حصره ببعض الوظائف كعامل بدالة مقسم أو مدرس، ومن خلال تجربتي أجد الكفيف يستطيع أن يكون صحفياً وأستاذاً جامعياً لغير المكفوفين، إلا أن حصرنا ببعض الوظائف دون غيرها يشعرنا بالعطف والضيق، وهناك وسائل تكنولوجية كثيرة إذا وفرت للكفيف يستطيع أن ينجز من خلالها الأعمال التي يعجز المبصرون عن القيام بها.
شاكرة لك تواجدكِ ومروركِ الكريم على الموضوع..
تقبلي تحيتي