قال الإمام البخاري في صحيحه،
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ قال: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ قال: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ ح قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ و حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ أُمَّتِي قَالَ لَا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله ( حَدَّثَنَا اِبْن الْفُضَيْل )
هُوَ مُحَمَّدٌ ,
وَحُصَيْن
هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن الْوَاسِطِيُّ .
قَوْله ( قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه )
هُوَ الْبُخَارِيُّ .
قَوْله ( وَحَدَّثَنِي أَسِيدٌ )
بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ اِبْنُ زَيْدٍ الْجَمَّال بِالْجِيمِ كُوفِيٌّ حَدَّثَ بِبَغْدَاد , قَالَ أَبُو حَاتِم : كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ , وَأَفْحَشَ اِبْن مَعِينٍ فِيهِ الْقَوْلَ . وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ قَرَنَهُ فِيهِ بِغَيْرِهِ , وَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْده ثِقَة قَالَهُ أَبُو مَسْعُود , وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يَكُون خَبُرَ أَمْرَهُ كَمَا يَنْبَغِي وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْحَدِيث الْوَاحِد , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَة مِنْهُمْ شُرَيْح بْن النُّعْمَانِ عِنْد أَحْمَد وَسَعِيد بْن مَنْصُور عِنْد مُسْلِم وَغَيْرهمَا , وَإِنَّمَا اِحْتَاجَ إِلَيْهِ فِرَارًا مِنْ تَكْرِير الْإِسْنَاد بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ السَّنَدَ الْأَوَّلَ فِي الطِّبِّ فِي " بَابٌ مَنْ اِكْتَوَى " ثُمَّ أَعَادَهُ هُنَا فَأَضَافَ إِلَيْهِ طَرِيقَ هُشَيْمٍ , وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الطِّبّ أَيْضًا فِي بَاب مَنْ لَمْ يَرْقِ مِنْ طَرِيق حُصَيْنِ بْن بَهْزٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَتَقَدَّمَ بِاخْتِصَارٍ قَرِيبًا مِنْ طَرِيق شُعْبَةَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ .
قَوْله ( كُنْت عِنْد سَعِيد بْن جُبَيْر فَقَالَ حَدَّثَنِي اِبْن عَبَّاس )
زَادَ اِبْن فُضَيْلٍ فِي رِوَايَة عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِر وَهُوَ الشَّعْبِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ " لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ " الْحَدِيثَ , وَقَدْ بَيَّنْت الِاخْتِلَافَ فِي رَفْعِ حَدِيثِ عِمْرَانَ هَذَا وَالِاخْتِلَافَ فِي سَنَدِهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ الطِّبِّ , وَأَنَّ فِي رِوَايَة هُشَيْمٍ زِيَادَةَ قِصَّةٍ وَقَعَتْ لِحُصَيْنِ بْن عَبْد الرَّحْمَن مَعَ سَعِيد بْن جُبَيْرٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّقْيَةِ وَذَكَرْت حُكْمَ الرُّقْيَةِ هُنَاكَ .
قَوْله ( عُرِضَتْ )
بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ .
قَوْله ( عَلَيَّ )
بِالتَّشْدِيدِ
( الْأُمَمُ )
بِالرَّفْعِ , وَقَدْ بَيَّنَ عَبْثَر بْن الْقَاسِم بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَزْنَ جَعْفَرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْد التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَفْظُهُ " لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُعِلَ يُمَرُّ بِالنَّبِيِّ وَمَعَهُ الْوَاحِدُ " الْحَدِيثَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْفُوظًا كَانَتْ فِيهِ قُوَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى تَعَدُّدِ الْإِسْرَاءِ وَأَنَّهُ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ أَيْضًا غَيْر الَّذِي وَقَعَ بِمَكَّةَ , فَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ " أَكْثَرْنَا الْحَدِيث عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ عُدْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ : عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاء اللَّيْلَة بِأُمَمِهَا , فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَة وَالنَّبِيّ يَمُرّ وَمَعَهُ الْعِصَابَة " فَذَكَرَ الْحَدِيث . وَفِي حَدِيث جَابِر عِنْد الْبَزَّار " أَبْطَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاة الْعِشَاء حَتَّى نَامَ بَعْض مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِد " الْحَدِيثَ وَاَلَّذِي يَتَحَرَّرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِسْرَاءَ الَّذِي وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهِ مَا وَقَعَ بِمَكَّة مِنْ اِسْتِفْتَاحِ أَبْوَابِ السَّمَاوَاتِ بَابًا بَابًا وَلَا مِنْ اِلْتِقَاء الْأَنْبِيَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي سَمَاءٍ وَلَا الْمُرَاجَعَةِ مَعَهُمْ وَلَا الْمُرَاجَعَةِ مَعَ مُوسَى فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَرْضِ الصَّلَوَاتِ وَلَا فِي طَلَبِ تَخْفِيفِهَا وَسَائِر مَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ وَإِنَّمَا تَكَرَّرَتْ قَضَايَا كَثِيرَةٌ سِوَى ذَلِكَ رَآهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمِنْهَا بِمَكَّةَ الْبَعْضُ وَمِنْهَا بِالْمَدِينَةِ بَعْد الْهِجْرَةِ الْبَعْضُ وَمُعْظَمُهَا فِي الْمَنَامِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .