الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد، فإن بحثي يتحدث عن التبني ، و قد اخترنا هذا الموضوع لشدة رغبتنا بالتعرف على واجبنا في هذه الحياة اتجاه هذا الأمر .
و سوف نتطرق إلى عدة أفرع و منها :
๑ تعريف التبني.
๑ و أسباب التبني.
๑ و مضيه عبر العصور( تاريخه).
๑ و رأي ديننا الإسلامي الحنيف عنه.
๑ بعض الآيات القرآنية و أحاديث نبوية التي تبين حكم التبني.
๑ و الحكمة من إبطال نظام التبني في الإسلام.
تعريف التبني:
هو اتخاذ ابن أو بنت الآخرين بمثابة الابن أو البنت من النسب الصحيح والأصيل، هو أحد العادات الشائعة، إما للتجاوب مع النزعة الفطرية في حبّ الأولاد حال العقم أو اليأس من الإنجاب، وإما لاستلطاف أو استحسان ولد أو بنت لآخر، فيجعل الولد متبنى، مع العلم بأنه ولد الأب الآخر الحقيقي.
» أسباب انتشار هذا النظام:
๑ رعاية ولد لقيط أو مفقود أو مجهول النسب أو لا عائل ولا مربي له.
๑ حفاظاً على المتبني من الضياع أو الموت والهلاك.
๑ وقد يكون هناك حالة من الفقر المدقع، أو حب الذات.
๑ التنازل عن ولد أو أكثر، لقاء مبلغ من المال،هذا لون من الرق والاستعباد. (1)
||| ~» مضيه عبر العصور( تاريخه):
ظل العمل بالتبني بين العرب في الجاهلية بعد ظهور الإسلام الذي لم تتقرر فيه أحكام التشريع الإلهية دفعة واحدة، وإنما على منهج التدرّج والتربية شيئاً فشيئاً، فكان العربي في تلك الفترة الجاهلية إذا أعجبه من الفتى قوته ووسامته (أو جَلَده وظَرْفه) ضمه إلى نفسه، وجعل له نصيب أحد من أولاده في الميراث، وكان ينسب إليه، فيقال: فلان بن فلان.
وتمشياً مع هذه الظاهرة تبنى محمد بن عبد الله r قبل أن يصبح رسولاً برسالة إلهية شاباً من سبايا بلاد الشام، سباه رجل من تهامة، فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد، ثم وهبه لعمته خديجة زوجة النبي r الأولى، ثم وهبته للنبي، فأعتقه وتبناه، وهو زيد بن حارثة الذي آثر البقاء مع النبي r على هذا النحو، على العودة لأهله وقومه في بلاد الشام، وحينما تبنّاه النبي r قال: ((يامعشر قريش اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه)).
هذا الوضع المتعلق بالتبني كشأن كثير من الأوضاع والمسائل التي ظلت سائدة في فترة زمنية مؤقتة بعد ظهور الإسلام، مثل الخمر والربا وبعض العادات الجاهلية، وكان زيد هذا يدعى ((زيد بن محمد)) ثم حرّم الإسلام التبني تحريماً صريحاً، لأن رسالة الإسلام والقرآن الإصلاحية كانت تعالج أوضاع المجتمع العربي الجاهلي تدريجاً، فقال النبي r: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) أو ((صالح الأخلاق)).(1)
||| ~» رأي الدين الإسلامي من التبني:
اتفق العالم الإسلامي على تحريم الاسترقاق بدءاً من معاهدة إلغاء الرق في العالم فينبغي الاتفاق أيضاً على إلغاء التبني الذي هو صورة أخرى أو مظهر شاذ من صور أو مظاهر الجور و مصادمة الطبيعة البشرية السوية التي تتطلب نسبة كل ولد لأبيه وأمه الحقيقيين، لا إلى الأب المتبني، ووجه الربط بين التبني والاسترقاق واضح، وهو أن المتبني يملك المتبنى.(2)
» الآيات و الأحاديث التي نصت على تحريم التبني:
{وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ(1) أَبْناءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب]
{ادْعُوهُمْ لآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ(2) وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ(3) فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب]. (1)
{ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [الأحزاب: 33/40] أي ليس محمد بأب حقيقي لأحد من رجالكم، وليس هو بأب فعلي لزيد بن حارثة، حتى تحرم عليه زوجته، فصار زيد يدعى ((زيد بن حارثة)) وهو النسب لأبيه الحقيقي بعد أن كان يدعى ((زيد بن محمد)) وبالتالي كانت عادة الجاهلية تقضي بتحريم زواج المتنبي من زوجة الابن المتبنى بعد طلاقها.(2)
الحكمة من إبطال نظام التبني في الإسلام:
๑ إن روابط الأسرة الصغرى من الأبوين والأولاد تعتمد على رابطة الدم الواحد والأصل المشترك، وهي رابطة أو علاقة ((الرحم المحرم)) لذا حرَّم الإسلام التزاوج بين الأقارب المحارم حفاظاً على سمو العلاقة وقطع الأطماع.
๑ إن الإسلام يقوم في جميع علاقاته الاجتماعية على أساس من الحق والعدل ورعاية الحقيقة، وهذا يقتضي نسبة الولد إلى أبيه الحقيقي، لا لأبيه المزعوم أو المزوَّر، والحق أحق أن يتبع ويحترم.(1)
๑ إن نظام الإرث في الإسلام مقصور على القرابة القريبة، لا البعيدة نسبياً، ومن باب أولى حال عدم وجود القرابة، والولد المتبنَّى ليس له أية قرابة بالأسرة الصغرى.
๑ إن الولد المتبنى غريب عن الأسرة الصغيرة، ذكراً كان أو أنثى، فلا ينسجم معها في خلق ولا دين، فإذا كان الولد أنثى، اطلع الرجل على جسدها.
๑ من حق الوالد إليه، لا إلى غيره، فيكون التبني ظلماً للوالد الحقيقي وإهداراً لمعنوياته ومساساً بكرامته وحقوقه. (2)
__________________
(1)حكم التبني في الإسلام، اسماعيل الأصيهاني، دار المعرفة للنشر، بيروت، الطبعة الاولى 2024
(2) سجل لمشاهدة الروابط
||| ~» الاستفـادة:
๑ تعلمنا من هذا البحث العمل الجماعي و التعاون .
๑ و عرفنا أهم النقاط التي يجب أن نعمل بها اتجاه موضوع التبني.
๑ و تعلمنا أيضا التقيد بكل ما قد تم تحريمه في الإسلام ، لأن تحريم الشيء لم يأت هباء و إنما لحكمة ما.
๑ و تعلمنا أيضا حب المطالعة و البحث عن المعلومة المفيدة سواء كانت في الكتب أم المواقع الالكترونية.
||| ~» الخاتمة:
ها قد وصلنا إلى نهاية بحثنا هذا، بعد أن تطرقنا إلى العديد من الأفكار، و نتمنى أن نكون قد أنجزنا بحثا يرضيك يا معلمتي.
||| ~» المصادر و المراجع:
๑ حكم التبني في الإسلام، اسماعيل الأصيهاني، دار المعرفة للنشر، بيروت، الطبعة الاولى 2024