كل حرب تبدأ من الكلمة،وبالكلمة تنتهي، واليوم، حتى الصغير أصبح يعرف إن الحرب هي استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى، و المثال النموذجي والمعروف جداً والذي يؤكد تلك المقولة: الحرب الباردةبدأت منذ أن ألقى تشرشل خطابه في فولتون عام 1946 وفورا"بعد أن انتصرت الولاياتالمتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون في تلك الحرب الباردة باشر هؤلاء أنفسهمحربا" جديدة من اجل السيطرة الكاملة على العالم، وهذه يمكن تسميتها "حربالكلمات" ذلك أنها بدون إراقة دماء وربما من دون طلقة واحدة قادرة على ابادةالجيوش الوطنية وزعزعة الحدود الدولية والقومية، وتقويض استقرار شعوب بأكملها. والسلاح الأساسي في هذه الحرب ـ العولمة !!
لاشك إن العولمة ظاهرة متعددة الأوجه ومعقدة للغاية، ومن المستحيل الخوض فيالتفاصيل من خلال مقال واحد مهما كبر، ولكن سأحاول الوقوف على بعض الجوانب الرئيسيةوالمفتاحية، من وجهة نظري، والتي ستقدم تصوراً كافياً عن هذه العملية ككل.
أهداف العولمة :
يرى كثير من الباحثين إنالعولمة تسعى إلى جذبنا إلى أفكار يراد لنا أن نسلم بها وهي الأهداف الحقيقيةللعولمة ويمكن إيجازها في عدة نقاط:
أولاً: التحكم في الاقتصاد العالميوإخضاعه لمصالح الدول الكبرى وذلك عن طريق حرية السوق والتعامل المشترك بين الدول،وتأمين مزيد من الأسواق للاستهلاك ، ومزيد من الثروات للاستيلاء عليها.
ثانياً: تشكيل النظام العالمي المالي ليندرج تحت المظلة الرأسمالية الغربيةوالتي يحكمها الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية ، وإن انتصار النظامالرأسمالي دليل على صلاحيته وإنه أفضل صيغة يمكن للعقل البشري أن يصل إليها ، ولايمكن لدول العالم أن تخرج من تخلفها إلا بدخولها في المنظومة الرأسمالية .
ثالثاً: القرية الكونية الصغيرة ومحاولة ربط الإنسان بالعالم لا بالدولةوالتي تعني القضاء على سلطة الدولة والمشاعر الوطنية ، ودمج العالم في وحدة إعلاميةواحدة تنطلق من منطلق معلوماتية واحدة
رابعاً: الهيمنة السياسية على دولالعالم الثالث ، واستعمار ممتلكاتها وخيراتها ، فيكون التعامل على وفق نظرية" داروين "البقاء للأصلح فلا بقاء للضعيف ؛ بل يجب إقصاءه حتى ينقضي ويفنى ، فالضعيف مهمشويجب أن ينبذ عن الطريق "اصطفاء الأنواع".
خامساً : التذويب الحضاري لسائرالحضارات التي تحمل قيماً مضادة لقيم الحضارة الغربية وعلى رأسها الحضارة الإسلاميةباعتبارها المحرك الأول لمقاومة الحضارة الغربية. وفي هذا يقول الكاتب الأمريكي " صموئيل هنتنجتون" :" إنه لا مجال ولا إمكانية للتعايش مع الحضارة الإسلامية لأنهاتختلف عن الحضارة الغربية وإن المواجهة التي انتهت ضد الحزب الشيوعي تركت الفضاءمفتوحاً أمام مواجهة جديدة لا تكون إلا مع الغرب وقيمه ، والإسلام الذي هو غير قيمالغرب ؛ بل هو مغاير للحضارة الغربية ، ولحقوق الإنسان ، ولسيادة الحق والنظمالديموقراطية يجب مقاومته ". وهذا ما صرح به "نيكسون" في كتابه " الفرصة الأخيرة ":"إنه بعد سقوط الشيوعية لم يعد هناك عدو سوى الإسلام". فيجب القضاء على التعصبالديني والقومي والإقليمي ومزج الأمم في الحضارة الغربية.
سادساً : إعادةبناء هيكليات أقطار العالم السياسية في صيغ تكرس الشرذمة والتشتت الإنساني ، وتفككالأوطان والقوميات إلى كيانات هزيلة قائمة على نزعات قبلية عرقية أو دينية طائفيةأو لغوية ثقافية ، بغية سلب أمم العالم وشعوبها القدرة على مواجهة الزحف المدمرللرأسمالية العالمية والتي لا تستقر إلا بالتشتت الإنساني.
وسائلتحقيق الهيمنة الأمريكية على العالم :
من المسلم به أن الفاعل الرئيس فيالنظام العالمي الجديد هي الولايات المتحدة الأمريكية فالعولمة اليوم هي عولمةأمريكية ، فالولايات المتحدة هي الدولة الأكثر نفوذاً وتأثيراً في هذا النظام وهيتدخل القرن العشرين وهي في أوج قوتها العسكرية ، وفي مركز اقتصادي رأسمالي قويمتماسك ، وفي موقع سياسي له نفوذه العالمي ، وهي تسعى إلى زيادة نفوذها السياسيوالاقتصادي والإعلامي حتى تبنى الحياة على نمط الحياة الأمريكية .
يقول "فريدمان" بهذه الحقيقة في اعتداد وزهو:" نحن أمام معارك سياسية وحضارية فظيعة،العولمة هي الأمركة، والولايات المتحدة قوة مجنونة، نحن قوة ثورية خطيرة، وأولئكالذين يخشوننا على حق، إن صندوق النقد قطعة أليفة بالمقارنة مع العولمة ، في الماضيكان الكبير يأكل الصغير، أما الآن فالسريع يأكل البطيء". كما خاطب الرئيس الأمريكيبيل كلينتون الأمة الأمريكية بقوله:" ستكون العولمة حظ الولايات المتحدة الواعد ولنتشكل أية عرقلة لتقدمها، سنقيم عالماً جديداً بحدود جديدة يجب توسيعها، ولن يشكلقيام العولمة أي تهديد لنا " . فهي تسعى إلى فرض سيادتها على العالم سيادة اقتصادية ،وعسكرية ، وفكرية ، وحضارية بحيث تجعل جل العالم قرية أمريكية .
إن ما حدثفي العالم من تغيرات جعل الأمريكيين يتصرفون كقوة وحيدة متفردة يقومون بفرض إرادتهمالواحدة على المنظومة العالمية ، وهي تخشى من انبثاق تحديات جديدة تحاول إقصاء أومدافعة هذه الهيمنة العالمية . ولذا يعتمد النظام الأمريكي للمحافظة على هيمنته ،وإبقاء سيطرته على العالم بأساليب متنوعة منها:
أولاً: تدشين الحروبواستخدام العنف والتهديد لشعوب العالم،ومن ذلك محاولة خلق النزاعات الطائفيةوالعرقية في العالم وخصوصاً في العالم الإسلامي مما ينشأ عنه تمزيق القوى الناشئةوتحويلها إلى كيانات عرقية متقاتلة يسودها الشك والتوجس فيما بينها .
ثانياً: تفوق الآلة الحربية الأمريكية وتفردها بعدسقوط الاتحاد السوفيتيإيديولوجياً وسياسياً وعسكرياً ، فقد أنشأت لها قوة عسكرية ضاربة بحيث تضمن لهاالسيطرة على دول العالم .
ثالثاً: ارتهان المنافسة الاقتصادية والماليةالأوروبية واليابانية والصينية للقوات العسكرية الأمريكية، والولايات الأمريكيةتريد فرض العولمة والسيطرة على الأمم اقتصادياً عن طريق:
1ـ الاندماج فيالتكتلات الاقتصادية الدولية حيث يتيح لها مواجهة التحديات الاقتصاديةالعالمية.
2ـ استخدام نفوذها السياسي كورقة رابحة في بسط سلطانها الاقتصادي،ونلاحظ أن اليابان أظهرت قدرتها الاقتصادية وإمكانياتها التكنولوجية المتفوقةوأثبتت بأنها منافس قوي وعنيد للولايات المتحدة ؛ إلا أن قدرتها العسكرية لم يجعللها خيار إلا الخضوع للهيمنة الأمريكية ، مع أن اليابانيين يحاولون التحرر منالسيطرة الأمريكية بإيجاد قوة عسكرية تكون في مستوى المنافسة والمواجهة الأمريكية .
رابعاً: السياسة الأمريكية تقوم على منع أي قوة تتحدى القوة الأمريكية ،وذلك بقيام تحالفات إقليمية ضد أي قوة صاعدة حتى تقوم على إسقاطها ، كحلف شمالالأطلسي والذي يعتبر قوة معادية ضد الروس .
خامساً: أقامت الولاياتالأمريكية علاقات قوية مع القوى الكبرى ؛ بل جعلت نفسها مركز لعلاقات العالمالسياسية والاقتصادية والثقافية حتى أن كثيراً من دول العالم يسعى لخطب ودالأمريكيين وذلك بإقامة علاقات قوية معها ، لكي لا تصاب الدولة بالتهميش والبعدالسياسي ، والحصار الاقتصادي .
سادساً: استعمال السوق العالمي كأداةللإخلال بالتوازن في الدول القومية ، وإخضاع العالم لقوانينها ونظمها الاقتصادية ،وجعل من شركاتها شركات عالمية مسيطرة على السوق العالمي ويدل على هذا القانون الذيأصدره الكونجرس الأمريكي بمقاطعات الشركات التي تتعامل مع دولمعينة.
سابعاً: إنشاء منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها السياسية والماليةوالثقافية كالبنك الدولي ، ومنظمة اليونسكو ، ومنظمة حقوق الإنسان وغيرها ، وكلهاتخضع للتوجه الأمريكي الواضح أو المستتر ، كما يحدث الآن في فلسطينوالعراق.
ثامناً: إقامة المؤتمرات الدولية لترويج النظريات الأمريكية حولالإرهاب ، وحقوق الإنسان ، والمرأة والإسكان ، والتنمية والديموقراطية ، ومكافحةقانون التمييز الديني الذي يعطي للولايات المتحدة وحدها حق تصنيف الدول ، ثم توقيعالعقوبات عليها من خلال الأمم المتحدة وغيرها.
تاسعاً: انفتاح المجتمعالأمريكي وقبوله لكثير من الثقافات المتنوعة، وتنوع الثقافات لديها ساعد على بروزالوجه الأمريكي في بلدان العالم ؛لأن كثير من الشعوب تجد ثقافتها في الثقافةالأمريكية .
عاشراً: التركيز على الإعلام والاهتمام به لإحداث التغييراتالمطلوبة على الصعيد المحلي والعالمي، ولا أدل على ذلك من إنشاء قناة الحرة لتشكيلالعقل العربي وفق الفكر والتوجه الأمريكي.
مراحل نشأة العولمة:
المرحلة الأولى مرحلة التعليم:
وتتمثل هذه العولمة ببداية تشكيل العولمة وهي تعني مرحلة التشكيل الجينينية باعتبار أن العولمة مثل الكائن حي الذي يمر بمرحلة تكوين جنينية ،وهي المرحلةالتى تكون فيها العولمة مجال للمراجعة والاختبار والتقييم أي تكون موضوع للنقاش والتفاوض ولا زال مفهوم العولمة منذ بداية تكوينه ولا زال وضعه حتى اليوم غير مستقر بصورة دقيقة واضحة ومرحلة تكوين مفهوم العولمة تمتد جذورها إلى عصر الفراعنة عندما امتد نفوذهم واتسعت اهتماماتهم بالبلاد المجاورة من خلال فتوحاتهم ورحلاتهم الى بلاد (بونه )الصومال اليوم أو رحلاتهم الى بلاد الشام او غزوتهم للعالم المجهول البعيد الشاسع و إلى عصر الكنعانيين الذين غزو أوروبا وكونوا حضارة في جزيرة كريت ألب ورحلاتهم إلى بلاد كنعاني (برسيل )كما فتح الهكسوس مصر وحكمها لفترة من الزمن حتى طردهم منها الملك أحمس.
ولذلك تطور مفهوم العولمة ليختلط بكل من مفهوم التبادل التجاري والمنافع والغزو العسكري والهيمنة السياسية لقائد تاريخي من اجل تكوين إمبراطورية مترامية الأطراف بأهداف اقتصادية وسياسية وجغرافية وكذلك الفتوحات الإغريقية الرومانية والإسلامية .
المرحلة الثانية :مرحلة ميلاد العولمة كمصطلح :
يرتبط مصطلح العولمة بحدث انتهاء عمل منظمة الجات وبدء تبلور عمل منظمة التجارة الدولية وممارسة أنشطتها في إزالة كافة الحواجز والقيود بين دول العالم وتنمية وتدعيم حرية انتقال الأموال والسلع والخدمات والمعلومات بشدة من اجل التنازل عن بعض اوجه سيادتها .
كما يرجع ظهور مصطلح العولمة إلى فترة الوفاق التي سادت العقد السابع من القرن العشرين بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الرئيسيين في العالم وهما الولايات المتحدة الأمريكية ودول المنظومة الاشتراكية (الاتحاد السوفيتي قبل تحلله) وانتهت هذه الفترة بتفكك الاتحاد السوفيتي وانحسار انتماءاتها في المجال الوطني الضيق بصفة عامة ،وكذلك بانهيار سور برلين الذي كان يفصل ألمانيا الشرقية الاشتراكية عن ألمانيا الغربية الرأسمالية وتوحيد الألمانيتين تحت ضغط الإرادة الشعبية الألمانية بعد خمس عقود من القرن العشرين.
المرحلة الثالثة :مرحلة نمو العولمة وتطويرها:
وتتسم هذه المرحلة بمجموعة من الأمور المتنوعة والمتعددة والمتداخلة وذات العلاقات الشبكية فيما بينها كأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع لتحقيق اهداف معينة كتذويب الحدود بين الدول بحيث تصبح دول مفتوحة دون وجود حدود سياسية ودون فواصل جغرافية وزمنية ،بحيث يصبح تنقل رؤوس الأموال والسلع والخدمات والأفراد بين دول العالم دون قيود أو حدود ،وقد ترتب على ذلك ظهور النظام العالمي الجديد أو الكيان الكوكبي الجديد ،كيان انتماءاته جديدة ،والياته وأساليبه جديدة ،تستند على مبادئ الدمج والتكامل والحيازة وابتلاع الآخرين والهيمنة عليهم والتحكم فيهم وتوجيههم واستغلالهم لتحقيق الأهداف المنشودة المخططة والمحددة مسبقا.وتتسم العولمة الحديثة من وجهة نظر الكثير من المفكرين بالتحالفات الاستراتيجية بالغة الكبر والضخامة والعولمة في واقع الامر تبني لذاتها كيانا اكثر شمولا من التحالف ،واكثر عمقا من التكامل وامضي فاعلية من الاندماج و هي تقرر كينونة في ذاتها تكفل لها التفوق والنمو والاستمرار .
أنواع العولمة:
1ـ العولمة السياسية: وتعني نشر القيم الغربية في مجال السياسة بالدعوة إلى الأخذ بالديمقراطية الغربية بوصفها نظاما للحكم ، مع ما يتطلبه ذلك من تعددية سياسية ، وأحزاب ، وحرية في التعبير ، ومجالس تشريعية ، ودساتير ، ورأي عام ، وغير ذلك . وهذا النوع وإن كان قد تغلغل في مجتمعاتنا منذ الاستعمار العسكري الغربي في القرنين الماضيين، إلا أنه تزايد وانتشر بعد إطلاق مصطلح العولمة انتشارا ملحوظا .
2ـ العولمة الفكرية والثقافية والاجتماعية: وتعني نشر الفكر الغربي في النظر إلى الكون والحياة والإنسان ، بوسائل منها : الأدب الغربي الذي أخذ يتسلل إلى مجتمعاتنا باسم الحداثة ، وشبكة المعلومات الدولية والفضائيات التي أصبح انتشارها في العالم ممكنا ، بعد أن غزا الغرب الفضاء وثبت فيه عددا كبيرا من الأقمار الصناعية .
3ـ العولمة الاقتصادية: وتعني نشر القيم الغربية في مجال الاقتصاد مثل: الحرية الاقتصادية ، وفتح الأسواق ، وترك الأسعار للعرض والطلب ، وعدم تدخل الحكومات في النشاط الاقتصادي ، وربط اقتصاد الدول النامية بالاقتصاد العالمي ، بحيث يصبح العالم مقسما إلى قسمين لا ثالث لهما ؛ قسم ينتج ويطور ويبدع ويصدر وهو الدول الغربية ، وقسم يستهلك ويستورد فقط وهو الدول النامية ومنها الدول الإسلامية. وهذا هو مغزى الاستعمار قديما وحديثا ، أعني امتصاص خيرات الشعوب الضعيفة وجعلها دائما تابعة للدول الصناعية الغربية .
وقد لا أعاند الحقيقة إذا قلت إن الاقتصاد هو المحرك أو السبب الرئيس لكثير من الأحداث العالمية ، لأننا نعيش في عالم يقدس المال ويسعى إلى الحصول عليه بطرق شتى وفقا لمبدأ الإيطالي ميكيافيلي : " الغاية تبرر الوسيلة " . ومع التسليم بخطر النوعين السابقين من العولمة : السياسية والثقافية ، فإن العولمة الاقتصادية هي أشد هذه الأنواع خطرا وهي المحرك الحقيقي للعالم الغربي.
الإسلام والعولمة:
العالمية " Globalism" فقد عرفتها الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي بأنها " مذهب يدعو إلى البحث عن الحقيقة الواحدة التي تكمن وراء المظاهر المتعددة في الخلافات المذهبية المتباينة " . ويزعم أصحاب هذه الدعوة أن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب واحد، تزول معه خلافاتهم الدينية والعنصرية ، لإحلال السلام في العالم محل الخلاف.
وبناء عليه ، يتبين أن العالمية تمثل مجالا واسعا من مجالات العولمة وهو المجال الثقافي وأن العلاقة بينهما علاقة جزء بكل .
ويرى الشيخ بكر أبو زيد في كتابه معجم المناهي اللفظية أن العالمية مذهب باطل ينسف دين الإسلام ، بجمعه بين الحق والباطل ، أي بين الإسلام والأديان كافة ، وحقيقته هجمة شرسة على الإسلام . وأنه لا ينبغي أن نقول "عالمية الإسلام " فنخضع الإسلام لهذا المذهب الفكري، ولنقل :" الإسلام والعالمية " لنظهر فضل الإسلام ، ونحط إلى القاع ما دونه من مذاهب ونِحَل محاها الإسلام.
إلا أن معظم الباحثين المسلمين ومنهم الأستاذ ماجد الزميع يرون عدم المانع من استعمال عبارة " عالمية الإسلام " ؛ لأن الشريعة الإسلامية عالمية في أصلها وتفاصيلها، وهي نقطة الفرق الجوهرية بين الإسلام والديانات السماوية السابقة. فجملة "عالمية الإسلام " يمكن أن تجمع ثلاثة عناصر هي أن الإسلام رسالة موجهة إلى الخلق جميعهم ، وهم مطالبون باعتناقه جميعا. وأنه يشتمل على أصول الديانات السابقة جميعها ، فهو اللبنة الأخيرة في صرحها الشامخ . وأن مبادئ الإسلام صالحة للتطبيق في كل مكان وزمان . ثم إن الفروق بين العولمة والعالمية بمعناها الجائز كثيرة منها ما يلي:
1ـ أن العولمة مسح للثقافات الأخر وإحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي . أما العالمية فهي تفتح على العالم وعلى الثقافات الأخر ، واحتفاظ بالخلاف الأيديولوجي .
2ـ أن العولمة إرادة للهيمنة ، فهي قمع وإقصاء للخصوصية واحتواء للعالم . أما العالمية فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي ، وانفتاح على ما هو عالمي وكوني .
3ـ أن طلب العالمية في المجال الثقافي ـ كما في غيره من المجالات ـ طموح مشروع ، ورغبة في الأخذ والعطاء ، وفي التعارف والحوار والتلاقح . أما العولمة فهي إرادة لاختراق الآخرين ، وسلبهم خصوصيتهم.
4ـ أن عالمية الإسلام لا إكراه فيها ، ومشروعية الجهاد إنما هي لإزالة العوائق التي تحول بين الناس وبين سماع الحق . أما العولمة فهي أن يجبر القوي الضعيف ، ويرغمه على ما لا يريد .
والذي أراه أن عبارة "عالمية الإسلام " إن كان يقصد بها صهر الإسلام في الأديان الأخر ، وإزالة الفروق بينه وبينها ، والتخلي عن أحكامه ، فإن تلك العبارة لا تجوز، وإن كان يقصد بها الانفتاح على العالم ، ومحاورته ومجادلته بالتي هي أحسن ، ودعوته إلى هذا الدين، ومبادلة المصالح الدنيوية معه ، فلا أرى بأسا من إطلاقها على الإسلام .
المراجع والمصادر:
أولا": الكتب العربية:
1-عبد العزيز سنبل،التربية في الوطن العربي على مشارف القرن الواحد والعشرين،المكتب الجامعي الحديث،الإسكندرية ،،2002 ، ص55.
ثانيا": الانترنيت:
https://www.kefaya.org/Translations/0402istanbulli.htm
ركائز وأهداف العولمه – منتدى كويت ماكس – مدونة الكويت
نشأة العولمة
Account Suspended