تقدم لنا او نقدمها لغيرنا ، دافعها الحب والمودة وارادة الخير، فهي إحسان إلى من تنصحه، بصورة الرحمة له، والشفقة عليه، وهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة، ومراد الناصح بها: وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه.
الانسان بفطرته مخلوق اجتماعي ، يميل بطبعه الى الانضمام للآخرين ومشاركتهم الحياة.
وقد قام الاسلام بتنظيم حياة الفرد مع نفسه ، ومع عائلته، و اقربائه ، واصحابه ، وعامة الناس من خلال الروابط الايمانية القوية.
والنصيحة هي لب قيام العلاقات الاجتماعية الحميمية.
ومعنى النصيحة في اللغة يأتي من الاخلاص والذي هو لب الاعمال كلها .
يقال : نصح العسل ،أي قام بتخليصه مما يرافقه من شوائب.
والنصيحة هي حق المؤمن على المؤمن ، ويجب ان لا ترجو من النصيحة الرياء او السمعة او الشهرة او الانتقاص من الناس وتجريحهم.
صحيح ان كلمة منا …… قد لا تغير وجه الحقيقة ، وصحيح ان الحياة قد لا تنتظر موقف احد منا لتنضبط احوالها ……… !
الا ان الدعوة هي امر الهي ، فلا يجب ان نرى الفاحشة والمعاصي والاخطاء تنتشر بين الناس ونتخذ موقفا سلبيا من ذلك.
في ابسط الامثلة :
قد تكون الشوارع المحيطة بسكني غير نظيفة تنتشر القاذورات في كل مكان
قد يكون في مكان عملي سرقات كثيرة وغش وخداع… قد أرى شخصا يصف سيارته بطريقة خاطئة فيعطل سبيل المرور……….. فما هو موقفي من كل ذلك …؟؟
يجب ان اتدخل……….صحيح ، هذا واجب علي ……….ولكن المهم هو كيفية تدخلي.
يجب على الناصح ان يكون عاملا بما ينصح به غيره ، حتى لا يكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم ،
ويجب ان يكون عالما ايضا……………:
قبل ان تدعو احدهم وتوبخه على ترك الصلاة ، المفروض بك ان تدله على الله اولا .
ان تشرح له علاقته بالخالق عن طريق التفكر ، وعن طريق الذكر .
يجب ان تبين له إعجاز القرآن العلمي ، و إعجازه البلاغي ، و إعجازه البياني ، وإعجازه التشريعي ، و إعجازه الغيبي ، و دقة نظمه ، و روعة آياته
يجب ان تشرح له عظمة هذا النبي ، وأن هذا النبي أسوة لنا حسنة ، وانه مشعل أمامنا يضيء لنا الطريق ، ورحمته بنا من انفسنا ، وحبه لنا ، وانه يجب علينا الاهتداء بهديه والنصر لسنته .
ولعل اكثر ما يثير حنقي واستغرابي !!!
هو ان رفع العصاة لرايات فجورهم وعصيانهم ومباهاتهم وافتخارهم بالمعاصي ،
يقابله رفع بعض الدعاة لرايات البذاءة والغلظ في القول.
فهناك من يصف العاصين بأسوأ الالفاظ واقربها الى القول الفاحش ، ومرد ذلك الى الكراهية والمقت الشديد ، والرغبة في نقل وسرد فضائح الاخرين! فهل نقل هذه الفضائح… حد من المشكلة !
فتنقلب الامور ويصبح الامر بالمعروف والنهي عن المنكر…. هو خوض في اعراض الناس ، وتأنيب وتعيير واهانة وذم وشتم ……….. بصورة النصح الامين !!
مما يجعل موقف الدعاة مكروها من قبل عامة الناس ،
ان الدعوة الى سبيل الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويقابلها اللين والادب الجم والتواضع واللطف في القول .
فالاهواء البشرية غريزة عند الانسان ، وكلنا أخطاء ،ويجب ان نعترف بحقيقة اننا البشر لسنا معصومين عن الخطأ ، لنصحح موقفنا………….ونصل الى المقصود من اسداء النصيحة … من ارشاد الضال وهداية الشارد وتذكير الغافل.
فمحبة الخير للمسلمين ، تكون في دفع الأذى والمكروه عنهم، وإيثار فقيرهم ، وتعليم جاهلهم ، ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل ، والتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…………. ومحبة إزالة فسادهم.
وأكثر ما يظهر مفهوم النصيحة هو مظهر من مظاهر التعامل والاحتكاك بالاخرين وهو البيع و الشراء ، فحتى وان عاد ذلك عليك بخسارة دنيوية في البيع ، ولكن يجب ان تلتزم بحسن النصح للناس ، فسوف تجد ان الله تعالى يغنيك عن الناس ويحفظك فلا تعرض نفسك للهلاك،لان المال الذي تأخذه من غير وجه ، هو مال حرام .
إن من الحكمة والبصيرة في النصيحة، معرفة مشكلات الناس ومشاعرهم ، والترفق في النصح واستخدام الاسلوب المتزن البعيد عن الانفعالات ، وذلك باستخدام الكلم الطيب والوجه البشوش والصدر الرحب ، فهو أوقع في النفس وأدعى للقبول وأعظم للأجر عند الله .
كما قالوا ……
تعمدني النصيحة في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعه
فان النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا ارض استماعه
فان خالفتني وعصيت امري
فلا تجزع اذا لم تعط طاعه
ومن رأيي لا فرق ان تكون النصيحة على انفراد او امام الجماعة فالاهم هو الاسلوب
ومن الضروري ان يتحلى الناصح بالحلم بعد النصح لانه قد يتعرض لمن يرد نصيحته
والحلم هو الصبر على الاذى مع الاحتفاظ بالحياء وعدم البذاءة ، وتحمل اذى المنصوح ولومه
اما اذا لم يأخذ المنصوح بنصيحتنا… فلا يجب ان نكرهه ونزدريه وننبذه وكأنه مصاب بمرض معد….. وإنما يجب ان لا ننيأس… وأن نتابع النصح..
فكثرة الطرق تلين الحديد!…….. وحتى نلين الحديد يجب ان نستعمل الاسلوب الصحيح في الطرق ، حتى لا نحطم انسانية الشخص ومشاعره!
فإذا فكرت ان تتطوع بالنصح…..
فكن متواضعا……
وانزل من برجك العاجي……!
واقترب من أخيك وافهم مشاعره……
وربت على كتفه وابتسم في وجهه……..
فالطبيب المعالج ….
يشفق على مريضه……
ويتحمل شراسته وعنفه……
ويتلطف في ايصال الدواء اليه……
يـرفـع..
وانشاء الله دوم تقديم المساعدات للاعضاء