وقد جعل الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه من الأجر والثواب للمزارعين مالا يعلمه إلا الله فقال: (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة) رواه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: (سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علما، أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته) أخرجه البزار وأبو نعيم.
فالزراعة من موارد الكسب الحلال وفيها يظهر توكل المؤمن على الله تعالى، فما في الصنائع كلها أبرك منها ولا أنجح إذا كانت على وجهها الشرعي، ففيها يحصل الأجر الكبير من الله، إضافة إلى ما فيها من رفع لمستوى المعيشة وإحياء لحراثة الأرض وتشجيع للأيدي العاملة واستثمار للقوى الكامنة وتخفيف لوطأة البطالة وانتفاع بأصحاب الكفاءات وأرباب المؤهلات، والتوجيه لمزاولة الأعمال الحرة ومضاعفة للجهود في سبيل إنماء الثروة، وفي كل هذا تشجيع على الاقتصاد المحلي وزيادة في الدخل القومي ونهوض بالأمة إلى المستوى اللائق بها بين الأمم.
ولا شك أن الإنسان إذا اطمأن إلى رزقه وتيسرت له أسباب عيشه لا يطمع في كسب المال من غير حله فيستتب الأمن وتسود الطمأنينة ويعم السلام، ومن هنا نرى اهتمام الإسلام بالزراعة والدعوة إلى مراعاة الزراع والرأفة بهم وعدم تحميلهم ما لا يطيقون، ذكر الكتاني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خصص ثلث إيراد مصر لعمل الجسور والترع لإرواء الأراضي.
قد سلك كثير من خلفاء المسلمين وأمرائهم نهج الخلفاء الراشدين في توجيه عنايتهم واهتمامهم إلى عمارة الأرض واستصلاحها، وأمروا ببناء السدود وحفر الترع.
فلما ولي الحجاج أمر العراق في أيام عبد الملك بن مروان وابنه الوليد عمد إلى استصلاح المزيد من أراضي الأهواز ، وأمد الفلاحين بالقروض المالية رغبة منه في دعمهم ومساعدتهم، وهو أول من قام بتمويل الفلاحين بالقروض الحسنة.
وأكثر الحجاج من الماشية، وبعث له عامله على السند محمد بن القاسم الثقفي آلاف الجواميس ليستعين بها في إحياء الأرض وزراعتها.
كذلك نرى الخليفة العادل الراشد عمر بن عبد العزيز يقوم بتقديم القروض الحسنة للعاملين في الأرض ولو كانوا من أهل الذمة لما في ذلك من مصلحة للمسلمين . ومن فضل الله تعالى على أهل هذا البلد الخير الطيب أن القيادة الحكيمة أولت الزراعة أهمية خاصة، فقامت بتوجيه المعنيين كافة بضرورة عمل السدود وشق الترع والقنوات، وإعطاء القروض الحسنة إلى المزارعين لاستصلاح الأراضي، وجعل هذا البلد بلدا زراعياً أخضر.
فهيا بنا إلى الأخذ بأسباب القوة، وزراعة ما يفيد وينفع الأمة، حتى نكون أمة تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، وتشرب الماء مما تجمع.
و أرجو ان يعجتكم ….

بالتوفيـــق للجميـــع