——————————————————————————
دعوااااااااااااااااااااااااااااااااااتكم الطيبة يا أخواااااااااااان
——————————————————————————–
* الزواج من الاجنبيات :-
عكس تباين واختلاف الآراء والاتجاهات حول مشروع قانون تنظيم زواج مواطني الدولة من أجنبيات في استطلاع ”الاتحاد” الذي نشر في الثالث والرابع والخامس والسادس من شهر ابريل الماضي أهمية رأب الخلل الموجود في البنية الاجتماعية والتركيبة السكانية، وتزايد الحاجة الماسة إلى استراتيجية وطنية وشاملة لتدارك الأخطار والسلبيات الحاصلة والمحتملة من جراء الزواج من أجنبيات·
وإذا كان عدد كبيرمن الشباب والفتيات التي شملهم استطلاع الرأي قد أكدوا أهمية إعلاء الحس الوطني، فقد فرض التساؤل: ”لماذا يتزوج المواطن من أجنبية ؟ ”، فان استقصاء يهدف إلى سبر أغوار الإجابة على مثل هذا التساؤل، يضع الباحث أمام تساؤلات أخرى عديدة ترتبط دون شك بالأبعاد الاجتماعية، والقيمية، والتربوية، والأخلاقية، والثقافية التي تشكل إلى حد كبير موجهات ”الاختيار” الذي يراه الكثيرون ”انحرافا” أو ”نشازا” عن قيم وثقافة مجتمع الإمارات الأصلية·
تناولنا في الحلقة الأولى أمس الافتراضات الخمسة الرئيسية التي تمثل محاور تنطوي في إطارها الأسباب التي تدفع الشباب إلى الزواج من أجنبية من خلال عينة قوامها 500 حالة من الجنسين قسمت بينهما بالتساوي، وتم تحليل الافتراض الأول الذي يرتبط بالعوامل الاجتماعية السائدة التي تؤثر بشكل مباشر في عملية اختيار الزوجة، والافتراض الثاني المتعلق بالجانب الشخصي والذاتي، والثالث المرتبط بالأفكار والاتجاهات العامة للجنسين·
ونتناول هنا مناقشة بعض الأفكار والاتجاهات العامة لدى بعض الشباب، والتي يرجح لها أن تكون سبباً رئيسياً أو مساعداً للزواج من أجنبية، إلى جانب عامل نقص الوعي وتأثيره في هذا الاتجاه، من خلال عينة الاستطلاع، مع الاشارة إلى عدد من الآراء حول التساؤل الرئيسي الذي حمله استطلاع الرأي·
ففي المحور الرابع الخاص بالأفكار والاتجاهات الخاطئة، نجد أن الفكرة السلبية (الإماراتية غير قادرة على استيعاب الحياة العصرية) لم يوافق عليها سوى (4 في المائة فقط من الذكور، في مقابل ارتفاعها نسبياً لدى الاناث بنسبة 15,2 في المائة)، والتفسير المحتمل لارتفاع هذا المؤشر لدى الاناث، هو افتقاد كثير من الاناث لمعرفة الأسباب الحقيقية، والدوافع الموضوعية لعزوف بعض الشباب عن الزواج من مواطنة، والهروب بالزواج من أجنبية، بينما ضاق هذا الفارق كثيراً، ولم يتعد أكثر من (4 في المائة) بالنسبة لاعتقاد الجنسين في أن الزواج من مواطنة يفرض المزيد من القيود والالتزامات والمسؤوليات الاجتماعية التي لا يحبذها هؤلاء الشباب، ويفتقدون القدرة على تغييرها بشكل ايجابي لكونها ترتبط بالقيم والعادات والتقاليد السائدة، فقد أيدها (42 في المائة من الذكور في مقابل 82 في المائة من الاناث)· وكما هي مؤشرات الاستطلاع نلاحظ ارتفاعها لدى الاناث لكونها الفئة الأكثر تضرراً·
أما فيما يتعلق بتوهم بعض الشباب بأن الفتاة الإماراتية الملتزمة والمحتشمة غير قادرة على إشباع رغباته، فقد أيدها30 في المائة فقط من الذكور، في مقابل 31,2 في المائة من الاناث)، وان كادت تتطابق النسبة بين الجنسين، فإنما تعكس ثبات العامل الثقافي لدى أبناء المجتمع الواحد، وتقارب ثقافتهم الجنسية مما انعكس على ثبات وتقارب الاتجاهات الخاطئة، أو الأفكار المغلوطة، وهي في مجملها نسبة تعد مرتفعة نسبياً إذ تمثل حوالي ثلث اتجاهات العينة، فالقدرة على إشباع الغرائز والاحتياجات الجنسية لا يرتبط بأي صورة من الصور بالاتجاهات الدينية أو الروحية أو العقائدية· أو بمدى التقيد بالقيم والأعراف والتقاليد، ولا بمظاهر سفور أو تبرج المرأة في أي مجتمع من المجتمعات· وهناك كثير من الدراسات والأبحاث التي أكدت عكس هذا المفهوم تماماً·
نقص الوعي
على خلاف ما كان متوقعاً، جاء عامل نقص الوعي لدى الشباب الذين يبحثون عن الزواج من أجنبية من وجهة نظر الذكور، أعلى منه عند الإناث، كما هو الحال بالنسبة لافتراض ”الإماراتية غير قادرة على استيعاب الحياة العصرية” الذي جاء لدى الاناث أعلى من الذكور، وعكس ما كان متوقعاً، وكأن الشباب الذكور من أفراد العينة أرادوا أن يمارسوا عملية النقد الذاتي على أنفسهم، واستهجنوا ورفضوا هذه الظاهرة، وأرجعوها إلى سبب ”نقص الوعي”، فقد أيد 90 في المائة منهم هذا السبب في مقابل 83,2 في المائة لدى الاناث)·
وإذا قارنا محصلة المحور الخاص بالأفكار والاتجاهات الخاطئة مجتمعة سنجد أن (22 في المائة من الذكور أيدوا هذا العامل في مقابل 62 في المائة لدى الاناث)، وهذا الفارق (4 في المائة) ظل ثابتاً تقريباً في معظم المحاور الرئيسية، وهو في حد ذاته عامل ايجابي يؤشر على ثبات الآراء، وصدق الإجابات بين أفراد العينة·
يشير صالح حسين، إعلامي إلى عامل التربية والتنشئة الاجتماعية وتأثيراتها في تكوين الاتجاهات الايجابية لدى الشباب، وبناء روح المسؤولية الوطنية، والحس الوطني، والوعي، وتقدير النتائج السلبية الناجمة عن الزواج من أجنبية وخطورتها على الفرد والأسرة وبنية المجتمع بأسره، بينما يؤكد (مانع الفندي المز روعي)، و(سيف خميس النقبي) عامل ارتفاع المهور والمغالاة في تكاليف الزواج التي ترهق الشباب إلى جانب إحساس الشاب الذي يقبل على الزواج من أجنبية بإمكانية تغيير الزوجة الأجنبية بسهولة، وإن كان يميل الثاني إلى الموافقة على أن الزواج من أجنبية يتيح قدرا أكبر من الحرية والانطلاق، والحرية الشخصية، وعدم تدخل الأجنبية في شؤون البيت والأسرة، وهي عوامل تساعد على أن تجعل من بعض الشباب يفكرون في الزواج منها، وهي نفس الأسباب التي يؤكدها (محمد الكتبي) الذي يقول إن هناك كثيرا من الشباب يريدون للزوجة أن تكون عنصرا تابعا فقط وغير مؤثر في حياتهم الاجتماعية نتيجة نظرة قاصرة إلى الزواج كمؤسسة اجتماعية، أو إلى دور المرأة الثانوي في الحياة في نظر هذه الفئة، بينما يرجع (طلال غانم) السبب إلى ارتفاع المهور إلى جانب عدم إغفال عامل الهروب من اختيارات الأهل، أو فرضها دون مراعاة لرغبة الشاب أو الفتاة، والهروب من الالتزامات الاجتماعية والقيود التي لا تمكن الطرفين من التعارف المتبادل خلال مرحلة الخطوبة فضلاً عن نقص الوعي لدى هؤلاء الشباب بشكل عام·
ومن جانبه يقول سعيد محمد سعيد، إلى جانب ارتفاع المهور وتكاليف الزواج، هناك أسباب لا ينبغي إهمالها أو تجاهلها عند تحليل الأسباب الموضوعية منها، أن هؤلاء الشباب يبهرون أو ينجرون وراء مظاهر شكلية زائفة، ويستسهلون الزواج من أجنبية وكأنهم يقتنون سيارة فارهة آخر موديل، ويتوهمون أنها أكثر جاذبية وإغراء نتيجة تبرجها، أو المغالاة في إظهار نفسها ومفاتنها وجمالها، أو الظن في أنها تتمتع بثقافة جنسية أفضل، ومثل هؤلاء الشباب ينقصهم الوعي والخبرة والحكمة أيضاً·
ويضيف، إن البعض يهرب من عادات المجتمع وتقاليده، ويبحث عن شريكة له تشاركه حياة الاستهتار، والحرية التي يتصورها، وغالبا ما تحقق له الأجنبية هذا الجانب بسهولة في مقابل حلمها وأمانيها بتحقيق مصالح معينة بالزواج من مواطن كالحصول على الإقامة، أو تحقيق مكسب مادي أو أي هدف أو منفعة أخرى، إلى جانب هروب الشباب من المسؤوليات والالتزامات والقيود التي يفرضها المجتمع وأهمها عدم إتاحة فرص الاختيار والتعارف قبل الزواج·
من جانبها تؤكد آمال قاسم أن العامل المادي يمثل أكبر عقبة أمام زواج الشباب سواء إذا كانت تتمثل في أعباء المهر أو تكاليف الزواج، وأن المنح التي يمنحها صندوق الزواج لا تصرف إلا بعد سنتين أو ثلاث من الزواج، يكون الشاب قد اقترض فيها مبالغ كبيرة من البنوك، وبفوائد ضخمة ترهق كاهله وتدخله في دوامة الديون، ويتساءل: لماذا لا نبحث عن مصادر لتمويل إمكانية وميزانية صندوق الزواج حتى يستوعب احتياجات الشباب، ويقترح مساهمة رجال الأعمال، والبنوك والشركات الوطنية، وفرض رسوم أو اشتراكات إجبارية شهرية في حدود خمسين إلى مائة درهم من كافة موظفي الدولة لتمويل ميزانية الصندوق أو التفكير في مصادر مالية أخرى تفعِّل قدرة صندوق الزواج على الايفاء بالتزاماته تجاه الشباب المقبل على الزواج·
أما مهرة عبدا لله اليعقوبي الطالبة الجامعية فتقول: بلا شك أن ارتفاع المهور وتكاليف الزواج هي أسباب ظاهرة، ومؤثرة ولكن علينا أن نتفهم، ونعترف بوجود أسباب أخرى تتمثل في نقص الوعي لدى كثير من الشباب، ولجوء البعض إلى التهرب من فرض اختيارات الأهل للزواج من فتاة من نفس العائلة أو من الأقارب في وقت يتجه فيه العالم كله إلى الحرية، والانفتاح، ولم تعد مثل هذه القيود مقبولة لدى كثير من الشباب الذي يبحث عن الحرية ويجد من هذا الزواج طريقاً له، وتوهم البعض أن الأجنبية لا تتدخل كثيراً في شؤون البيت، وسهولة اتمام هذا الزواج في السر غالباً، إلى جانب اعتباره وسيلة من وسائل الترف والوجاهة الزائفة، ووجود كثير من الأفكار الخاطئة عن الفتاة الإماراتية عند مقارنتها بالأجنبية·
وتضيف هلا سعيد ورشا بشير بجامعة زايد، سبب توهم كثير من الشباب بأن الفتاة الملتزمة أو المحتشمة غير قادرة على إشباع رغباته، أو أنها لا تصلح لأن تكون زوجة، وهو فهم قاصر وخاطئ، إلى جانب ميل كثير من الشباب إلى وجوب التعارف الجيد على الطرف الآخر قبل الزواج خشية أن يكتشف ما يخالف طبائعه وميوله بعد الزواج، وهو ما لا يتيسر للكثيرين منهم، فيلجأ إلى الزواج من أجنبية عادة في السر، أو أن يتزوج من مواطنة إرضاءً للأهل والأسرة، ومن ثم يتزوج من أجنبية لتكون له حياته الأخرى معها بعيداً عن أنظار المجتمع
*نشــأة علم الإجتمـــاع وتـاريـخـة
علم الاجتماع توجه أكاديمي جديد نسبيا بين علومِ الاجتماعيات الأخرى بما فيها الاقتصادِ، عِلْم السياسة، عِلْم الإنسان، التاريخ، وعلم النفْس.
لكن الأفكار المؤسسة له، على أية حال، ذات تاريخ طويل ويُمْكِنُ أَنْ نتتبّعَ أصولَها في خَلِيط المَعرِفَة الإنسَانِيَّةِ والفلسفة المشتركة.
ظهر علم الاجتماع كما هو حاليا كصياغة علمية في أوائِل القرن التاسع عشرِ كرَدّ أكاديمي على تحدي الحداثةِ: فالعالم كَانَ يتحول إلى كل متكامل ومترابط أكثر فأكثر، في حين أصبحت حياة الأفراد أكثر فردية وانعزالا. تمنى علماء الاجتماع أَنْ يَفْهموا التحولات التي طرأت على المجموعاتَ الاجتماعيةَ، متطلعين لتَطوير دواءَ للتفككِ الاجتماعيِ.
صورة مؤسس علم الإجتماع بالمفهوم الحديث أغست كونتكان أوغست كونت ، أول من صاغ تعبير (sociology) "علم اجتماع" في عام 1838 من (socius) التي تعني باللاتينية (رفيق، شريك) واللاحقة اليونانية logia بمعنى (دراسة، خطاب).
تَمنّى كونت توحيد كل الدِراسات البشرية بما في ذلك التاريخِ وعِلْمِ النفْس والاقتصاد. وكان مخططه الاجتماعي الخاص مثاليا يعود إلى القرن التاسع عشرِ؛ حيث اعتقدَ أن كل أنماط الحياة الانسانية لجميع الشعوب في كل البقاع مَرّتْ من خلالِ نفس المراحلِ التاريخيةِ المُتميّزةِ وبهذا، إذا أمكن للشخصُ أَنْ يُدرك مراحل هذا التطور، فيُمْكِنُ له أَنْ يَصفَ العلاجَ للأمراضِ الاجتماعية.
الكتاب الأول في ‘علم الاجتماع’ حمل نفس الاسم و كُتب في منتصف القرن التاسع عشرِ من قِبل الفيلسوف الإنجليزيِ هيربرت سبينسر. في الولايات المتّحدة، و عُلّم هذا التخصص باسمه للمرة الأولى في جامعة كانساس، لورانس في 1890 تحت عنوانِ فصلَ علم الاجتماع (فصل علم الاجتماع المستمرِ الأقدم في أمريكا وقسم التاريخِ وعلم الاجتماع أُسّسا في 1891) أما قسم الجامعةِ المستقل الكامل الأول لعلم الاجتماع في الولايات المتّحدة أُسّستْ في 1892 في جامعة شيكاغو مِن قِبل ألبيون دبليو ، التي أسّست المجلّة الأمريكية لعلم الاجتماع في 1895.
أسّسَ القسم الأوروبي الأول لعلمِ الاجتماع في 1895 في جامعةِ بوردو مِن قِبل ميل دوركهايم مؤسس عام 1896
في 1919 أُسّس قسم علم اجتماع في ألمانيا في جامعة لودفيج ماكسيميليانز في ميونخ مِن قِبل ماكس فيبر وفي 1920 في بولندا من قبل فلوريان زنانيكي. أما أقسام علمِ الاجتماع الأولى في المملكة المتحدة فقد أسست بعد الحرب العالمية الثانية. بدأَ تعاون ماكس فيبر الدولي في علم الاجتماع في 1893 عندما تأسس معهد رينيه الصغير الدولي لعلم الاجتماع التي التحقت بجمعية علم الاجتماع الدولية الكبيرة بدءا من 1949. في 1905 أسست الجمعية الاجتماعية الأمريكية، الجمعية الأكبر في العالم من علماء الاجتماع المحترفين.
تتضمن قائمة العلماء النظريون "الكلاسيكيون" الآخرون لعِلْمِ الاجتماع مِنْ القرونِ العشرونِ المبكّرةِ والتاسعة عشرةِ المتأخّرةِ كلا من كارل ماركس، فيردناند توينيز، ميل دوركهايم, باريتو، وماكس فيبر. أما في حالة كونت، كان جميع علماء الاجتماع هؤلاء لا يعتبرون أنفسهم "علماء اجتماع" فقط. وكانت أعمالهم تناقش الأديان، التعليم، الاقتصاد، علم النفس، الأخلاق، الفلسفة، وعلم اللآهوت.
كارل ماركسلكن باستثناء ماركس ، كان تأثيرهم الأكبر ضمن علم الاجتماع، وما زال علم الاجتماع هو المجال الأبرز لتطبيق نظرياتهم. اعتبرت دراسات كارل ماركس المبكرة الاجتماعية حقلا مشابها للعلوم الطبيعة مثل الفيزياء أو علم الأحياء. كنتيجة لذلك، جادل العديد من الباحثين بأنّ الطريقة والمنهج المستعملان في العلوم المتماسكة منهجيا تناسب بشكل مثالي الاستعمال في دراسات علم الاجتماع. وكان استخدام الطريقة العلمية وتشديد النزعة التجريبيةِ امتيازَ علم الاجتماع عن علم اللآهوت، والفلسفة، والميتافيزيقيا. هذا أدّى إلى علم اجتماع معترف به كعِلْم تجريبي. هذه النظرة الاجتماعية المبكّرة، مدعومة من قبل كونت Comte، أدت إلى الفلسفة الواقعية, المستندة على الطبيعية الاجتماعية.
على أية حال، بحدود القرن التاسع عشر وضعت الدراسات ذات التوجه الطبيعي لدراسة الحياة الاجتماعية موضع سؤال وشك من قبل العلماء مثل ديلتي وريكيرت، الذي جادل بأنّ العالم الطبيعيَ يختلفُ عن العالمِ الاجتماعي بينما يتميز المجتمع الإنساني بسماتُ فريدةُ مثل المعاني، الرموز، القواعد الأخلاقية، المعايير، والقيم. هذه العناصرِ في المجتمع تُؤدّي إلى نشوء الثقافات الإنسانية. وجهة النظر هذه كَانتْ قد طوّرتْ مِن قِبل ماكس ويبير، الذي قدّمها ضِدّ الفلسفة الواقعيةَ (عِلْم اجتماع إنساني). طبقاً لهذه وجهةِ النظر، التي تعتبر وثيقة الصلةُ بالبحث الاجتماعيِ ضد الطبيعيةَ يجب أَن تركّزَ الدراسات على البشرِ وقِيَمهم الثقافية. هذا أدّى إلى بعض الخلاف على مدى إمكانية وضع خطَ فاصل بين البحث الشخصي والموضوعي أثّر بالتالي على الدراسات التفسيريةِ أيضاً. النزاعات المماثلة، خصوصاً في عصرِ الإنترنت، أدّت إلى خلق فروع غير احترافية من العلوم الاجتماعية.
* النشأه الاوروبية
المقدمة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. أما بعد .. يتشبع علم الاجتماع من بين العلوم الاجتماعية، بالعقائد والمذاهب والفلسفات المتعددة، المبثوثة داخل الأبحاث النظرية والتطبيقية، التي تعكس الخلفيات العقائدية والفكرية لكتابها وواضعيها. وهذا يخالف الظن الشائع والسمعة الرائجة عن هذا العلم، حيث يظن أنه يقدم نظريات وآراء ونتائج علمية، بعيدة عن الشكوك والأوهام، من نتاج العلم وحده. وهذا ما جعل كثيراً من أبناء المسلمين يقبل ما فيه من أفكار ونظريات وآراء، على أنها حقائق علمية، يجب التسليم بها، حتى ولو عارضت مبادئ دينهم. فأصبح علم الاجتماع إشكالية تبحث عن حل.
العرض
ويمكن تلخيص مشكلة علم الاجتماع بوضعه الراهن في أمرين:
الأول: أن هذا العلم يحمل، مع حقائقه العلمية، وفائدته الملموسة، عقائد وأفكار ومبادئ واضعية. وأن هذا العلم منذ دخوله إلى العالم الإسلامي، كان يعزز من حالة فقدان الهوية، التي تعني التخلي عن الإسلام، كمبدأ عام يحكم المجتمعات الإسلامية.
الثاني: أن نظريات هذا العلم، وضعت لفهم مشاكل وقضايا خاصة بالغرب، لا يمكن تعميمها على المشاكل المماثلة في العالم الإسلامي، ولا تؤدي إلى فهم واقع المجتمعات الإسلامية. علم الاجتماع نشأة علم الاجتماع وتطوره على الرغم من أن التفكير الاجتماعي قديم قدم الإنسان نفسه، فإن الاجتماع الإنساني لم يصبح موضوعاً لعلمٍ إلا في فترة لاحقة. وكان أول من نبه إلى وجود هذا العلم، واستقلال موضوعه عن غيره، هو ابن خلدون
(2). فقد صرح في عبارات واضحة أنه اكتشف علماً مستقلاً، لم يتكلم فيه السابقون، إذ يقول: "وكأن هذا علم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع، وهو العمران البشري، والاجتماع الإنساني، وذو مسائل، وهي بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته، واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم، وضعياً كان أو عقلياً " (2). . ويقول أيضاً: "واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة، غريب النزعة، أعثر عليه البحث، وأدى إليه الغوص. . . . ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة، ما أدري: ألغفلتهم عن ذلك، وليس الظن بهم؟ أو لعلمهم كتبوا في هذا الغرض، واستوفوه، ولم يصل إلينا؟ " (3).. كما أنه لم يكتفِ بذلك، بل دعا القادرين إلى استكمال ما نقص منه: "ولعل من يأتي بعدنا ممن يؤيده الله بفكر صحيح، وعلم مبين، يغوص من مسائله على أكثر مما كتبنا " (4).. وإضافة إلى ذلك فإن مقدمته شملت على أقل تقدير سبعة من فروع علم الاجتماع المعاصر، ناقشها ابن خلدون في وضوح تام (5). ولكن على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من قول عالم الاجتماع الشهير جمبلوفتش : لقد أردنا أن ندلل على أنه قبل أوجست كونت، بل قبل فيكو الذي أراد الإيطاليون أن يجعلوا منه أول اجتماعي أوروبي، جاء مسلم تقي، فدرس الظواهر الاجتماعية بعقل متزن، وأتى في هذا الموضوع بآراء عميقة، وإن ما كتبه هو ما نسميه اليوم علم الاجتماع (6)، على الرغم من ذلك كله، فإن التأريخ لعلم الاجتماع يقف عند كونت (7) الفرنسي باعتباره المنشئ الأول لهذا العلم. ويتجاهل بذلك المؤسس الحقيقي لهذا العلم الذي نبه عن وعي وفي وضوح إلى اكتشافه لهذا العلم.. ومهما كانت ظروف النشأة الجديدة فإن من النكران للجميل، والظلم أيضاً عدم الاعتراف لابن خلدون بفضله في هذا المجال. [ جـ ] مناهج البحث في علم الاجتماع. هناك مناهج للبحث يستخدمها علماء الاجتماع، ويتوقف استخدامها على الباحث، وطبيعة البحث، والإمكانات المتوفرة، ودرجة الدقة المطلوبة، وأغراض البحث، ولعل من أكثر الطرق المنهجية شيوعاً في الدراسات الاجتماعية، المنهج التاريخي المقارن، والتجريبي، والمنهج الوصفي وغيرها، مما قد تقتصر فيه النتائج على الوصف، أو تتعدى ذلك إلى التحليل والتفسير وقد لا يكتفي الباحث بأحد هذه المناهج، بل يتعدى إلى المزج بينها. وسنعطي فيما يلي نبذة عن هذه المناهج: 1- المنهج التاريخي: يستخدم علماء الاجتماع المنهج التاريخي، عند دراستهم للتغير الذي يطرأ على شبكة العلاقات الاجتماعية، وتطور النظم الاجتماعية، والتحول في المفاهيم والقيم الاجتماعية. وعند دراستهم لأصول الثقافات، وتطورها،وانتشارها. وعند عقد المقارنات المختلفة بين الثقافات والنظم، بل إن معرفة تاريخ المجتمع ضرورية لفهم واقعه. 2- المنهج الوصفي: "يعد المنهج الوصف من أكثر مناهج البحث الاجتماعي ملاءمة للواقع الاجتماعي وخصائصه. وهو الخطوة الأولى نحو تحقيق الفهم الصحيح لهذا الواقع. إذ من خلاله نتمكن من الإحاطة بكل أبعاد هذا الواقع، محددة على خريطة، تصف وتصور بكل دقة كافة ظواهره وسماته " (29). وقد واكب المنهج الوصفي نشأة علم الاجتماع، وقد ارتبطت نشأته بحركة المسح الاجتماعي في إنجلترا، أو منهج لوبلاي في دراسة الحالة، ونشأة الدراسات الأنثروبولوجية. 3- المنهج التجريبي: "التجريب جزء من المنهج العلمي. فالعلم يسعى إلى صياغة النظريات التي تختبر الفروض التي تتألف منها، وتتحقق من مدى صحتها.. والتجربة ببساطة: هي الطريقة التي تختبر بها صحة الفرض العلمي " (31). "فالتجريب هو القدرة على توفير كافة الظروف، التي من شأنها أن تجعل ظاهرة معينة ممكنة الحدوث في الإطار الذي رسمه الباحث وحده بنفسه. والتجريب يبدأ بتساؤل يوجهه الباحث مثل: هل يرتبط ارتفاع المستوى الاقتصادي للفرد بإقباله على التعليم؟ أو هل هناك علاقة بين الدين والسلوك الاقتصادي؟ عوائق الاستفادة من علم الاجتماع المعاصر لا يشك أحد في أن علم الاجتماع يعتمد على حقائق جزئية، وحوادث واقعية، لا ينكرها عقل، ولا علم، ولا دين، ومع ذلك نجد علماء الاجتماع يختلفون اختلافاً كبيراً عند دراستهم لهذه الوقائع، وقد اعترف بهذا الاختلاف كثير من علماء الاجتماع (54). ولا شك أن وراء هذا الاختلاف تقف المعايير التي يسير على ضوئها هذا العلم، ونقصد بها الموازين التي تزن وتقوِّم الأبحاث الاجتماعية. ويهمنا في هذا المقام، أن نتحدث عن معيارين، كان لهما الأثر الكبير في إعاقة الاتفادة الكاملة من علم الاجتماع بالنسبة للمسلمين، مما يحتم بعد ذلك دفع عملية الصياغة الإسلامية إلى الأمام، خصوصاً ونحن نعرف أن هذا العلم مرتع لتعدد وجهات النظر.
الخاتمة
لقد ذكرناا هذا الموضوع بضرورة فكرة الصياغة الإسلامية لعلم الاجتماع. و أنها من لوازم الرجوع إلى الذات، ومن ضرورات ترسيخ الهوية الإسلامية. فقد اتضح من خلال ما سبق ما يلي: * إن المنهج المتبع في علم الاجتماع، يغفل جانبا من جوانب الواقع الاحتماعي، مما يعطي صورة ناقصة عن حقيقية هذا الواقع. فنظرا لاعتماد علم الاجتماع الغربي- والذي يمارس في العالم الإسلامي- على شهادة الحس فقط، فقد غابت عنه نتيجة لذلك ، الأمور المعنوية، والغيبية، التي لا تحس، وهي تكمل الحقيقة، ويجب أن لا تند عن الباحث أثناء بحثه. * اتضح بجلاء أن المعتقدات والخلفيات الثقافية، لا يمكن إسكاتها أثناء البحث، فهي تظهر بوضوح عند التحليل والتفسير، بل حتى عند اختيار ظاهرة معينة للبحث دون غيرها. وهذا يلفت النظر إلى أن النظريات التي تعطي صفة عالمية، لا تصلح للتعميم، وإنما هي تمثل نظرة منتجها فقط. فبعض النظريات ، كالتي تفسر الانحراف مثلا، أو نظريات التنمية، لها خصائص البيئة التي نبتت فيها ، ومن ثم فهي لا تصلح للتطبيق في مجتمعات العالم الإسلامي. وهذا أمر يحسه الغالبية من علماء الاجتماع ، حتى الذين لا يقرون بمشروعية مثل هذه الصياغة. * يجب التنبه إلى أن الدعوة إلى صياغة إسلامية لعلم الاجتماع ، لا تعني الدعوة إلى إبراز علم جديد في موضوعه ومنهجه، بل هي تقر بحدود موضوع علم الاجتماع ، ومناهجه ، كما تقر بأهميته ، فيجب أن لا تعمل ، ما لا تحتمل فينظر إليها على أنها دعوة جديدة كليا، " فلعلم الاجتماع ميدانه الذي لا ينبغي أن يتجاوزه، وهو واقع المجتمعات البشرية ، في حدود كونها عالما مشهودا يمكن ملاحظته، واستخراج خصائصه ، وقوانين حركته وتبدله " (240) ، وهذه نقطة تحتاج إلى إيضاح ، لم يتعرض لها هذا الكتاب إلا لماما. * لم يتحدث هذا الموضوع عن كيفية الصياغة ، ومن يقوم بها، والمحاذير التي يجب الحذر منها أثناء القيام بها. * لم يتحدث هذا الموضوع عن التراث ، الذي كتبه سلف المسلمين ، في علم الاجتماع ، ولا عن محاولات أرباب المذاهب لتبنيه ، وتفسيره لصالحهم ، وهو مجال واسع للبحث والدراسة. * لم يتحدث هذا الموضوع عن الدراسات إسلامية المعاصرة، التي كتبت في هذا المجال ، وضرورة تقويمها ، ومعرفة غثها من سمينها .
*بن خلدون
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ الشهير ورائد علم الاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد في تونس عام 1332 وعاش في اقطار (شمال إفريقيا) و كانت أسرة ابن خلدون و التي تنحدر من أصول عربية كما ذكر في كتاباته أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس. هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت حكم الحفصيين.
يعد من كبار العلماء الذين انجتبهم شمال افريقيا، اذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابيه : العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في بلاد المغرب ، بجامعة القرويين في فاس ،ثم في الجامع الازهر في القاهرة ، والمدرسة الظاهرية، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في ارجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة ، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الاحكام التي اصدرها. ونحن نقتطف وصفه لمعاناته في هذا المجال في كتاب مذكراته التعريف بابن خلدون
******************************
هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الذي ولد وتوفي في الفترة بين ( 1332- 1406) وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي ، عربي مسلم ، ينتهي نسبه الى وائل بن حجر من عرب اليمن .
أقامت أسرته في تونس ، حيث ولد ونشأ وتعلم بها ثم تنقل في بلاد المغرب والأندلس ، ثم أقام بتلمسان ، وشرع في تأليف تاريخه ، وبعدها عاد الى تونس ، ومنها انتقل الى مصر ، واتصل بسلطانها برقوق ، فولاه القضاء ، انقطع للتدريس و التأليف فأتم كتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر) وهو كتاب له قيمة كبرى بين كتب التاريخ الإسلامي كما أن لمقدمته خطر عظيم لإشتمالها على فصول في أصول العمران ، والنظريات الاجتماعية و السياسية ، وتصنيف العلوم وغير ذلك مما جعل من ابن خلدون مؤسسا لفلسفة التاريخ و علم الاجتماع الذي يقول عنه أنه فرع فلسفي جديد لم يخطر على قلب أرسطو .
قال ابن خلدون في مقدمته : (إن كثيرين قبله حوموا على الغرض ولم يصادفوه ، ولا تحققوا قصده ، ولا استوفوا مسائله) . وأمل ابن خلدون ممن يأتون من بعده أن يستمروا في البحث ، فيتمموا ما فاته من المسائل ، وتحقق أمله بالفعل ولكن على أيدي الفلاسفة الغربيين أمثال فيكو وأوجست..
ولابن خلدون آراء طريفة في التربية فقد خصص الباب السادس ومنها (المقدمة) للبحث في العلوم وأصنافها والتعليم وطرقه ، وسائر وجوهه وتعرض لاختلاف الأمصار الإسلامية في طرق التعليم ، وانتقد البدء بتعليم القرآن والاقتصار عليه ، لأن الأطفال يقرأون مالا يفهمون ، فلا تحصل لهم الملكة اللغوية.
وحاول ابن خلدون أن يرشد الى وجه الصواب في التعليم ، فأشار الى ضرورة إجمال المسائل في البداية ، والتفصيل فيما بعد ، والإعتماد على الأمثلة الحسية.
ومن الموضوعات الطريفة التي تعمق ابن خلدون في دراستها : علاقة الفكر بالعمل وتكوين الملكات والعادات عن طريق المحاكاة والتلقين المباشر والتكرار ، وقد أحسن ابن خلدون في الدعوة للرحمة بالأطفال ، وفي معارضته استعمال الشدة اتجاههم فبين المفاسد الخلقية التي تنجم عن القسوة وقال أن القهر العسف يقضي كلاهما على انبساط النفس ونشاطها ، ويدعو الى الكسل ، ويحمل على الكذب والخبث والمكر والخديعة ، ويفسد معاني الإنسانية ومن المؤسف أن آراء ابن خلدون السديدة في التربية والتعليم ، لم يظهر لها أي تأثير في مجتمعه في العصور التالية.
واستعرض ابن خلدون تاريخ الحركة الفكرية لدى المسلمون وسعى الى الكشف عن العلاقة بين العلوم والآداب من جهة والتطوير الاجتماعي من جهة أخرى ، وأوضح أن التربية ظاهرة اجتماعية و أن التعليم يتطور مع تطور العمران .
*بن خلدون
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ الشهير ورائد علم الاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد في تونس عام 1332 وعاش في اقطار (شمال إفريقيا) و كانت أسرة ابن خلدون و التي تنحدر من أصول عربية كما ذكر في كتاباته أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس. هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت حكم الحفصيين.
يعد من كبار العلماء الذين انجتبهم شمال افريقيا، اذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابيه : العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في بلاد المغرب ، بجامعة القرويين في فاس ،ثم في الجامع الازهر في القاهرة ، والمدرسة الظاهرية، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في ارجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الرابع عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة ، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الاحكام التي اصدرها. ونحن نقتطف وصفه لمعاناته في هذا المجال في كتاب مذكراته التعريف بابن خلدون.
الفهرس
1 فلسفة ابن خلدون
2 الغرب وابن خلدون
3 وظائف تولاها
4 وفاته
5 مصادر
6 وصلات خارجية
فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته يرى ابن خلدون (ت 808هـ، 1406م) في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرِّفها قائلاً: ¸بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تُدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوَّموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونًا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.· ويحذّر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على الشرعيات من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يُكبَّنَّ أحدٌ عليها وهو خِلْو من علوم الملة فقلَّ أن يَسلَمَ لذلك من معاطبها·. ولعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. من هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يُمعنوا في التجريد العقلي.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفو سرد أبن خلدون للتاريخ بانة أول سرد لا ديني للتاريخ ، وهو لة تقدير كبير عندهم.
ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة و التأليف و الرحلات لكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية و العائلية .
كان المغرب أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة |الموحدين الامازيغية تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين الامازيغ أيضا (1196 – 1464 )، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 – 1556 )، تونس و شرقي الجزائر و برقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 – 1574 ). التصارع بين هذه الدول الثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي .
وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول : مثلاً ، عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى امير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما .. وبعد ذلك بأعوام استعان به اهل دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك ، وتم اللقاء بينهما . ونحن في الصفحات التالية نقتطف ايضاً وصف ابن خلدون لذلك اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطهالملك المغرب. الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفات التي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة.
وفاته
وتوفي في مصر عام 1406، و دفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة .
المصدر:
مقدمة ابن خلدون / تأليف عبد الرحمن ابن خلدون. القاهرة: دار الفجر في التراث، 2024
*قيمة الانتمااااااااء للوطن
بسم الله الرحمن الرحيم
..و بعد فانّ مفهوم الوطن بالصيغة المعاصرة التي يحشد لها ذيول و مناصري الخط الغربي خط المسايرة او حتّى التّعامل في بلادنا قد بلغ الذروة في خطورته…
و أود أن استهل كلامي بحديث لرسولنا الأكرم : حب الأوطان من الايمان.
لكن هذا لا يعني أن يكون انتماؤنا الأعلى للوطن..و أعني هنا بالوطن المكان..فالرسالة المحمّديّة أتت و حرّرت الانسان من كل القيود و الانتماءات السخيفة(العرق-القبيلة-زعامة الكبير)…و جعلت الانتماء الاعلى للافكار..الانتماء للفكرة المتمثّل بالعقيدة الاسلاميّة و النّموذج الحضاري الذي يطرحه الاسلام المتمثل بعدّة مفاهيم عن لحياة ….و بنفس الوقت لم يلغي الانتماءات الاخرى مثل الاسرة و الوطن و البيئة , و لكنّه اضعفها و سفّهها امام الانتماء لعقيدة…و نرى أنّ الرّسول الاكرم كان يحط من اهميّة هذه الانتماءات في نفوس من حوله..مثلا فالاسلام اوطا شأن الانتماء للأرض لكنّه لم ينهيه بل جعله جزء من الانتماء الاعلى (الاسلام) فحب الاوطان من الايمان..و من مات دون أرضه فهو شهيد..لا بل و جعل الدفاع عن هذه الارض واجب شرعي لا جدال فيه…نعم نحب الارض و الوطن ,لكن كجزء من انتماؤنا للوطن..و الاسلام حطّ من اهميّة الانتماء للأسرة و القبيلة وزعامة الكبير أمام الانتماء للعقيدة..لا بل و ذمّها "دعوها انّها نتنة" و لكن لم ينهي دور القبيلة او ااسرة ..فمن مات دون أهله فهو شهيد ..و ليس منّا من لم يحترم كبيرنا…لكن يبقى الانتماء الاعلى للفكرة للاسلام….و حوّل الانتماء و العصبيّة العمياء لهذه الامور التّقليديّة الى حب وواجبات هي جزء من الاسلام الكبير الذي يملك القدرة على الاحتواء…
و اذا أخرجنا الموضوع الى الصعيد الاوسع…نجد أنّ الحركات التي أنتجت عالميّا و أبصرت النّجاح..كان العمل فيها على الوتر الفكري..وبهذا تحصل على الضجّة العالميّة المتجاوبة لا الخائفة(كما حصل مع النداءات العرقية المتعصّبة-هتلر-)…مثلا الشيوعيّة العالميّة التي جلبت تجاوبا عالميّا وصل الى داخل العالم الاسلامي..و حققّت نصرا عسكريّا يكاد يكون وحيدا على طغاة العصر حملت المشروع الرأسمالي..
فمن اهم اسباب هذا النصر هو أنّ الشيوعيّة حرّرت الانسان من كل انتماء..وتركت الانتماء للفكرة..فكانت الفتاة تأتي من الارجنتين لتحارب في سبيل الفكرة في فيتنام مثلا..أو شاب من يوغسلافيا ليحارب في قيتنام… نرى هنا الانتماء الاعلى للفكرة يتجلىّ في هذه التّصرفات ..و هذا ما ساعد الشيوعيّة على الاستمرار هذا الوقت الطويل الى ان انهارت كدولة وبقيت الافكار…
و حتى الطرف الاخر كان يعزف على نفس اللحن..فكانت الراسماليّة و الافكار الرّنانة من الحريّة الى جعل المجتمع في خدمة الفرد..الى اهميّة رأس المال ووو… النموذج الحضاري المتبنى…احدث ضجّته وجذب انصاره…وكان دائما الانتماء الاعلى للفكر…ونرى أنه كلّما حاول الغرب التخلص من الفكرة واستبدالها بانتماء أخر تعرض لنكسة و من ثمّ يعود الى الفكرة (كما حصل في مشاريع الدولة القوميّة المعاصرة)…
ونرى غاندي و نهوا و الثورة الفكريّة التى احدثوها…و يخطئ من يظن أن غاندي كانت حدوده الهند أو الخطوط التي رسمها الاستعمار له…فغاندي رسم أسلوبا و نهجا عالميّا للتّخلص من الاستعباد و الاستعمار ابى ان يحيى و يموت في بقعة ارض….و اتى الاداري الناجح لهذه الافكار نهرو..ليؤكّد أن غادي بحد ذاته هو دعوة فكريّة…
من هنا تأتي الدعوات الى التشبث بالوطن الانتماء لبقعة الارض لتخدم اعداء الامّة المتربّصين بها…لانها تضيّق على الامّة ولا توسع الافق امامها..و لكي تحافظ على مصالح الدول التي قسّمتنا وفق الحدود التي تناسبها..وتؤمن استمرار مصالحها…حتى ولو كان عن سبيل اضعافنا..و من هنا ترتفع أصوات المطالبين بالوطن و المحافظة على الحدود التي منحنا ايّاها و تفضل علينا بها عدونا…
يقولون مبادئ..و بئس المبادئ.. حسبي الله و نعم الوكيل…لكن المبرّر الوحيد لبقاء هذه الحدود كما هي هو استمرار استفادة اعداؤنا من هذا التّقسيم..أو غباء بعضنا الذي يدفعه الى القبول بهذا التّقسيم..
و أخيرا اقول أن هذا الموضوع أكبر من أن يحاط بنص أو حتّى مجلّدات…لكن هذا حلقة من سلسلة مشاركات سأكملها باذن الله حول هذا الموضوع..
……………….
إن العقل البشري لو تفاعل مع الحياة بصورة حضارية تستمد مقوماتها من قيم الأمة لاستطاع التكيف وتحقيق طموحاته، فالوطن يمثل لكل إنسان منظومة متكاملة لأنه ولد ونشأ وتعلم على أرضه وسخرت له كل الأشياء التي تحقق له الاستقرار النفسي والأمني وإشباع حاجاته الفسيولوجية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والسياسية، في ظل هذه الأجواء يفترض أن يتفاعل مع هذه الجوانب التي غالباً تكون إيجابية لأنه أصبح عنصراً هاماً في ترسيخ هذه المعطيات واستمراريتها لأجيال قادمة والمجتمع المسلم يختلف عن المجتمعات الأخرى لأنه نظراً إلى الانتماء ليس من خلال قومي ووطني فقط لأن تعامل المسلم يفرض عليه أن يرتكز الانتماء على قيم الإسلام ويأخذ الانتماء بعداً أكثر إذا كانت الدولة مرتبطة بهذه القيم، فمثلاً المملكة العربية السعودية كل تشريعاتها وقوانينها مأخذوة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وعَلَمُها) يرفرف بكلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. فالمواطن في هذا البلد أصبح انتماؤه له خصوصية يتطلب منه أن تكون شخصيته تستمد توجهاتها وتطلعاتها منها فكل تصرف عشوائي وسلبي ينسب إلى الإسلام قبل المملكة العربية السعودية لأنها تحكم بشريعة الإسلام وليس الأمر يتعلق في الجوانب السلوكية فقط بل الجوانب الأخرى الفكرية والاجتماعية، فمظاهر الانتماء الحقيقي متى نجدها في أبهى صورها عندما يكون المواطن خارج بلده ملتزماً بأنظمة البلد التي سافر إليها مهما تكن الظروف متحلياً بآداب الدين الحنيف باشاً صادقاً يعطي صورة جميلة عن بلده وإنجازاتها في المواقف التي تفرض نفسها متابعاً للصحف والكتب بالذات التي تسيء للمملكة ويتعامل معها حسب ما تقتضيه الظروف فإذا كان صاحب قلم ولديه قناعة أن هذه الكتابات هي دسائس ملفقة بإمكانه الرد عليها بأسلوب حضاري بعيداً عن الإساءة والتجريح وإذا كان يجهل حقائق هذه الكتابات بإمكانه الرفع للجهات المسؤولة المخولة في التعامل مع هذه الكتابات حتى يتسنى لها دحضها وتكذيبها.
كذلك من الأمور التي تعزز الانتماء الوطني حضور المنتديات الفكرية والأمسيات الأدبية والمشاركة في مداخلاتها وتصحيح المفاهيم الخاطئة والمعلومات المغلوطة إذا كان المناخ مناسباً وبعيداً عن الحساسية، أيضاً لا يمنع أن يصطحب الذي يريد أن يعزز الانتماء في درجة عالية بعض الأشرطة والكتب الإعلامية التي تتحدث عن المملكة ودورها الريادي والحضاري. وخلاصة القول إن صور الانتماء للوطن عديدة باستطاعة كل مواطن أن يرسمها بالطريقة التي تناسب قدراته وإمكانياته العلمية والثقافية.
————————————————————
والسمووووووووووووووووووحة
مــا شـء الله عليـج إخت اوهام فتاه ..
جهـد تشكريـن عليـه
جزاك الله خيـراً .. وإلى الامـام دائمـاً
بالتوفيـق
اسمحلي اشوفك تسلمين على الرد
السلام عليكم
ما شاء الله الصراحــة ما قصرتِ عزيزتي
جهـــد تثابين عليه
بميزان حسناتكِ ان شاء الله
..