لو سمحتم بدي تقرير في اللغة العربية عن درس كم الاستفهامية و كم الخبرية
بلييز
تحياتي للجميع
اسمٌ غامض مبهم، مبنيٌّ على السكون، يُستفهم به عن العدد، نحو: [كم طالباً نجح؟]. وتفتقر دوماً إلى موضِّح(2) يُزيل إبهامها وغموضها، ولها حكمٌ واحد، وأمّا الموضِّح، الذي يُزيل إبهامها وغموضها فله أربعة أحكام.
أوّلاً: حكمُها:
لها الصدارة، فلا يتقدّم عليها إلاّ حرفُ جرّ أو مضافٌ، نحو: [بكم درهماً اشتريت الخاتَم؟] و [رأيَ كم خبيراً أخذت؟](3) .
ثانياً: أحكامُ الاسم الذي يوضِّحها:
لا يكون إلاّ نكرةً مفرداً منصوباً، كما جاء في الأمثلة الثلاثة آنفاً: [طالباً – درهماً – خبيراً] ويُعرَب تمييزاً.
ويجوز جرّه بـ [مِن]، إذا جُرَّتْ هي بحرف جرّ، نحو: [بكم مِنْ درهمٍ اشتريتَ الكتاب؟].
ويجوز فصله عنها نحو: [كم عندك كتاباً؟] و[كم اشتريتَ كتاباً؟](4).
ويجوزحذفه للعلم به (وحذفُ ما يُعلَم جائز)، نحو: [كم … لبثتُم؟ = كم يوماً لبثتم؟].
تنبيه:
يقترن البدل بعدها بالهمزة، نحو: [كم كتاباً اشتريت؟ أخمسةً أم عشرة؟].
ملاحظة:
تجد نماذج استعمال [كم] الاستفهامية مع نماذج [كم] الخبرية. وإنما فعلنا ذلك ليكون التقابل والتلاقي والتباين، أعون على الجلاء والوضوح.
¨ أوّلاً: حُكمها:
لها الصدارة، فلا يتقدَّم عليها إلاّ حرفُ جرٍّ أو مضافٌ، نحو: [إلى كم بلدٍ سافرت !!] و[قراءةَ كم كتابٍ أَتممت !!].
¨ ثانياً: أحكامُ موضِّحها:
لا يكون إلاّ مجروراً بـ [مِن]، ظاهرةً أو مقدَّرة، سواء أَفَصَلَ فاصلٌ بينهما أم لم يفصل. فظهورُها نحو: [كم مِنْ كتابٍ قرأتُ !!]، وتقديرُها نحو: [كم كتابٍ قرأتُ !!]. (أي: كم من كتاب قرأتُ!!)
يجوز إفرادُه ويجوز جمعه، نحو: [كم كتابٍ عندك !!] و [كم كتبٍ عندك!!]. وهو واجبُ التنكير في كل حال.
يجوز حذفُه للعِلمِ به، نحو: [كم ذكرناك وأنت غائب !! = كم مرّةٍ ذكرناك وأنت غائب!!].
· قال القطاميّ (الديوان – ليدن – عام 1902 – صفحة / 6):
[كم]: في البيت خبرية، تفيد التكثير. أي: كم مرةٍ نالني منهم المعروف!!. و[فضلٌ: فاعلُ نالني]، وأما الموضِّح: [مرةٍ] فمحذوف، وحذفه فاشٍ في التنْزيل العزيز وفي الشعر والنثر. وسيأتيك منه نماذج، عن قريب.
· قال الفرزدق، يهجو جريراً:
(فدعاء: في رسغها اعوجاج من كثرة الحَلْب. العِشار: جمع عُشَراء، وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر. يريد أنّ عمات جرير وخالاته يحلبن نياقَ الشاعر لهوانهنّ).
[كم عمّةٍ لك]: كم، في البيت خبرية، تفيد التكثير. والشاعر يريد أنّ كثيراً منهنّ قد حلبن نياقه. و[عمّة] موضِّح [كم] مجرورٌ بـ [مِنْ] مقدّرة. فـ [كم عمةٍ = كم مِنْ عمةٍ]. وإذا كانت [كم] خبرية، جاز أن يكون موضِّحها مفرداً، أو جمعاً. وهو في البيت مفرد.
ومثله في الإفراد قول الشاعر (شرح الأشموني 2/384):
[كم ليلةٍ]: كم خبرية، موضِّحُها [ليلةٍ]، مجرور بـ [مِنْ] مقدَّرة: [كم ليلةٍ = كم مِن ليلةٍ]. وقد قلنا آنفاً: إذا كانت [كم] خبرية، جاز أن يكون موضِّحُها مفرداً، أو جمعاً. وهو في البيت مفرد.
· قال الشاعر (شرح الأشموني 2/384):
(بادَ: هلك. سوقة: جمع سوقيّ، وهم دون الملك).
[كم ملوكٍ]: كم، خبريّة تفيد التكثير، أراد أن كثيراً منهم كذلك. و[ملوكٍ] موضِّح [كم] مجرورٌ بـ [مِنْ] مقدّرة. فـ [كم ملوكٍ = كم مِنْ ملوكٍ]. وإذا كانت [كم] خبرية، جاز أن يكون موضِّحها مفرداً، أو جمعاً. وهو في البيت جمع.
[كم مِنْ ملكٍ]: كم، خبريّة تفيد التكثير، و[ملكٍ] موضِّح، [كم] مجرور بـ [مِنْ] ظاهرة. وإذا كانت [كم] خبرية، جاز أن يكون موضِّحها مفرداً، أو جمعاً. وهو في الآية مفرد. ومثل هذا طِبقاً قولُه تعالى: ]وكم مِن قريةٍ أهلكناها[ (الأعراف 7/4) فـ [كم] خبرية، و[قريةٍ] موضِّحها. وهو مفرد مجرور بـ [مِنْ] ظاهرة.
· قال الشاعر (معاهد التنصيص 1/148):
[كم عالمٍ]: كم، في البيت خبرية، تفيد التكثير، أراد أن كثيراً من العلماء كذلك. و[عالمٍ] موضِّح [كم] مجرور بـ [مِنْ] مقدّرة. فـ [كم عالمٍ = كم مِنْ عالمٍ]. ومثل ذلك مبنىً ومعنىً قول الآخَر:
· ]كم تركوا مِنْ جَنّاتٍ وعُيون[ (الدخان 44/25)
[كم]: خبرية تفيد التكثير؛ موضِّحها [جنّات] مجرور بـ [مِن] ظاهرة. ويُلاحَظ الفصلُ بينها وبين موضِّحها بجملة هي: [تركوا]، وذلك جائز.
· قال المتنبي (الديوان 4/143):
(يريد أن سيف الدولة يردّ رُسُلَ ملك الروم الذين يأتون في طَلَب الهدنة، كما يردّ مَن يلومونه على سخائه وكرمه).
[إلى كم]: الذي نريده من هذا البيت شيئان:
الأول: إيراد نموذج فصيحٍ، فيه إدخال حرف الجرّ على [كم]. وذلك أنّ [كم] لها الصدارة – سواء أكانت استفهاميةً أم خبرية – فلا يتقدّم عليها إلاّ حرف جرٍّ (فتكون في محلّ جرٍّ به)، أو مضافٌ (فتكون في محلّ جرٍّ مضاف إليه).
والثاني: إظهار القارئ على أنّ موضِّح [كم] محذوف، ويأتي ذلك كثيراً في الكلام: شعراً ونثراً. وقد نوّه بذلك مجمع اللغة العربية بالقاهرة، (في دورته /51 لعام 1985) وأوصى بإذاعته في الأمة، وذلك قوله: [لمّا كان جمهرة النحاة لا يُصرّحون بجواز الحذف في كلا الاستعمالين (أي: استعمال كم الاستفهامية والخبرية)، وكانت كتب القواعد التعليمية تُغفل ذلك؛ ترى اللجنة ضرورة النصّ على ذلك تعويلاً على المأثور في الفصيح، وعلى ما ذكره بعض النحاة …](4).
· ]قال كم لبثتَ قال لبثتُ يوماً أو بعضَ يوم[ (البقرة 2/259)
[كم لبثتَ؟]: [كم] في الآية استفهامية. وفيها شاهد على حذف موضِّح [كم]. إذ لولا الحذف لقيل: [قال كم يوماً لبثتَ؟].
· قال معن بن أوس (مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق60/388):
[كم علّمتُه]: [كم] في البيت خبرية تفيد التكثير؛ وقد حُذِف موضِّحُها، ولو لم يُحذَف، وأعان الوزن على ذكره، لقال الشاعر: [كم مرّةٍ علّمته نظم القوافي!!].
· قال جعفر بن عُلْبة الحارثيّ (شرح ديوان الحماسة 1/47):
(جاض عن عدوّه: عَدَلَ وانحرف)
[كم]: هي الاستفهامية، موضِّحها منصوب محذوف، ولو ذُكِر لقيل: [كم يوماً العمرُ باقٍ؟]. و[العمرُ]: مبتدأ، والخبر [باقٍ]: اسم منقوص مرفوع والأصل: [باقي] ثم حُذِفت الياء تخفيفاً.
· قال الجاحظ (البيان والتبيين 3/89):
[انظرْ – أبقاك اللهُ – في كم فنٍّ تصرَّف فيه ذكرُ العصا من أبواب المنافع والمرافق!! وفي كم وجهٍ صرّفته الشعراءُ وضُرِب به المثل!!].
[في كم فنٍّ] ومثله طِبقاً: [في كم وجهٍ]: هاهنا مسألتان:
الأولى: أنّ [كم] لها الصدارة، فلا يتقدّم عليها إلاّ حرف جرّ، أو مضاف. وفي العبارتين تقدّم عليها حرف الجرّ [في].
والثانية: مجيء الموضِّح بعدها مجروراً على المنهاج. وإنما يُجَرّ موضِّحها بـ [مِنْ] ظاهرةً أو مقدّرة. أي: [كم مِنْ فنٍّ وكم من وجهٍ]، وقد جُرّ بها مقدّرةً في الموضعين.
· قال عليّ-كرّم اللهُ وجهه-في ذمّ الدنيا (نهج البلاغة – د. الصالح /165):
[كم من واثقٍ بها قد فَجَعَتْه، وذي طمأنينة إليها قد صرعتْه].
[كم]: خبرية، موضِّحها مجرور بـ [مِن] ظاهرة. ولو حُذِفت [مِنْ] فقيل: [كم واثقٍ بها قد فجعته] لَجاز. وذلك أن موضِّحها يجوز أنْ يُجَرّ بـ [مِنْ] ظاهرة، أو مقدّرة. وقد جُرَّ بها مقدّرةً هاهنا في الموضعين.
· قال مُحَلِّم بن فراس يرثي (البيان والتبيين 2/272):
[كم من فارسٍ]: [كم]، خبرية يُقصد بها التكثير، وقد جُرَّ موضِّحُها وهو [فارس]، بـ [مِنْ] ظاهرة، على المنهاج.