خلال الندوة البرلمانية حول تشريعات الإعاقة.. د.آمنة السويدي:
• اتفاقية الأمم المتحدة تسعي لحماية وتعزيز حقوق ذوي الاعاقة
• الحفاظ علي كرامة ذوي الإعاقة والدمج الاجتماعي والتعريف بحقوقهم أهم الأهداف
كتبت – هناء صالح الترك
أكدت الدكتورة آمنة علي السويدي عضو لجنة الرصد الدولية، ومستشارة إدارة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجلس الأعلي لشؤون الأسرة في ورقة عمل الاعاقة والأجندة الدولية لجنة الرصد الدولي والتي قدمتها في الندوة البرلمانية الخامسة حول تشريعات الاعاقة في العالم العربي، والتي نظمها المجلس الأعلي لشؤون الأسرة بالتعاون مع مكتب المقرر الخاص المعني بالاعاقة ومركز الجنوب والشمال للحوار ان الأشخاص المعاقين في أي مجتمع يمثلون فئة مهمة يمكنها أن تلعب دوراً ايجابياً في تحقيق التنمية المستدامة إلي جانب الأشخاص غير المعاقين مشيرة أن منظمة الصحة العالمية تقدر أن نحو 650 مليون شخص في العالم أي نحو 10% من مجموع سكان العالم يعانون أشكالاً مختلفة من الاعاقة ويعيش 80% أي أكثر من 500 مليون شخص في البلدان الفقيرة والأقل قدرة علي تلبية احتياجاتهم.
ورأت أن الاعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعجز وبين الحواجز والقيود في المواقف والبيئات التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة وفعالة في المجتمع علي قدم المساواة مع الآخرين، ولا تزال توجد في جميع المجتمعات بعض الحواجز التي تمنع هؤلاء الأشخاص المعاقين من ممارسة جميع حقوقهم وحرياتهم أو تعوق مشاركتهم التامة في أنشطة المجتمع ولتمكين الأشخاص المعاقين من الاندماج في المجتمع وممارسة جميع حقوقهم وحرياتهم والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، ثم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المعاقين البروتوكول الاختياري في ديسمبر 2024 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وفتح باب التوقيع عليها في مارس 2024.
وشرحت د.آمنة أن الغرض من الاتفاقية كما ورد في المادة 1 هو تعزيز وحماية ضمان التمتع الكامل والمتكافيء بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأشخاص المعاقين بالاضافة إلي تعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.
وبينت أن الاتفاقية الدولية تبنت رؤي متقدمة تكفل للأشخاص المعاقين جميع الحقوق مثل أقرانهم غير المعاقين في المجتمع سواء فيما يتعلق بالحقوق الأساسية الصحية والتعليمية والنفسية والاجتماعية والتدريب والتأهيل والعمل والتوظيف إلي الحق في الترفيه والترويح وممارسة الرياضية امتداداً إلي الحقوق السياسية والمشاركة المجتمعية.
وبالاضافة إلي ما سبق فإن هذه الاتفاقية أكدت من خلال التفاصيل علي ما يواجهه الأشخاص المعاقون من حواجز عديدة تبدأ من تفشي الجهل بشؤونهم وإمكانياتهم الكامنة والمهدرة، كما أوضحت من جهة أخري أن المعاناة في الحواجز البيئية ليست قدراً محتوماً، بل حرمان من حقوق إنسانية واهدار لكرامة ملايين البشر.
ولضمان اقرار وتعزيز وحماية ورفع مستوي الوعي بحقوق الأشخاص المعاقين تضمنت الاتفاقية في موادها 33-39 أحكاماً تتعلق بتنفيذ ورصد الاتفاقية علي المستوي الوطني المادة 33 وعلي المستوي الدولي 24-35،36،37،38،39 مما سبق يتضح أن رصد وتنفيذ ومتابعة مواد وأحكام هذه الاتفاقية يتم علي مختلف المستويات حيث يتم تقييم ومراقبة الخطوات المتبعة من قبل الدول الأطراف لتنفيذ التزاماتها بمواد وأحكام هذه الاتفاقية الدولية علي مستويين.
أولا: علي المستوي الوطني، الدول مطالبة بموجب الاتفاقية وطبقا لأنظمتها القانونية والإدارية بالحفاظ علي اطار لتعزيز الاتفاقية وحمايتها ورصد تنفيذها أو بتعزيز هذا الاطار أو تحديده أو وضعه، وتنص المادة 33 علي ضرورة قيام الدول بانشاء جهات تنسيق وطنية في الحكومات من أجل تنفيذ مباديء الاتفاقية، ويجب أن تنشيء الدول أيضا نوعا ما من آليات الرصد المستقلة التي تأخذ عادة شكل مؤسسة وطنية مستقلة معنية بحقوق الإنسان. والمشاركة الكاملة للمجتمع المدني، ولا سيما الأشخاص ذوي الاعاقة والمنظمات الممثلة لهم ضرورية في عملية الرصد والتنفيذ علي الصعيد الوطني.
وأكدت أن مفهوم الإطار الوطني لتعزيز وحماية ورصد الاتفاقية مفهوم مفتوح نسبيا وتقر الاتفاقية بأن هذه الأطر قد تختلف من بلد إلي آخر بالنظر إلي اتاحة قدر من المرونة في اقامتها وفقا للنظام القانوني والاداري للدولة. لكن الاتفاقية تقتضي أيضا أن تتمتع الهيئة المنشأة لهذا الغرض أيا كان شكلها، بالاستقلالية، وعلي أقل تقدير تشمل الأطر الوطنية عادة انشاء شكل ما في المؤسسات الوطنية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان كلجنة لحقوق الإنسان أو مكتب لأمين المظالم. بيد أن الاطار يمكن أن يشمل عناصر أخري من قبيل المحاكم.
ثانيا: علي المستوي الدولي يتحقق الرصد عن طريق مؤتمر الدول الأطراف واللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة. مشيرة إلي أن الاتفاقية تنشيء أيضا مؤتمراً للدول الأطراف يجتمع بانتظام بغية النظر في أي مسألة تتعلق بتنفيذ الاتفاقية، ولم تظهر الاتفاقية علي وجه التحديد طبيعية دور مؤتمر الدول الأطراف، لكن مسؤولياته تتضمن انتخاب أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة ومناقشة واعتماد التعديلات المقترح ادخالها علي الاتفاقية.
وذكرت أن اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة يكون دورها استعراض التقارير الدورية التي تقدمها الدول بشأن الخطوات المتخذة لتنفيذ الاتفاقية وتتمتع اللجنة أيضا بصلاحيات النظر في البلاغات الفردية واجراء التحقيقات فيما يخص تلك الدول التي أقرت صلاحية اللجنة للقيام بذلك من خلال التصديق علي البروتوكول الاختياري.
مبينة أن اللجنة هي هيئة مؤلفة من خبراء مستقلين ومكلفة بمهمة استعراض تنفيذ الدول للاتفاقية. ويعمل هؤلاء الخبراء بصفتهم الشخصية. وتشمل اللجنة مبدئيا اثني عشر خبيراً مستقلاً، يزاد عددهم الي 18 عضواً بعد أن تصدق علي الاتفاقية أو تنضم اليها 60 دولة أخري.
وتختار الدول الأطراف الخبراء علي أساس كفاءتهم وخبرتهم في مجال حقوق الانسان والإعاقة، مع إيلاء الاعتبار اللازم للتوزيع الجغرافي العادل، ولتمثيل شتي أشكال الحضارات والنظم القانونية، وللتوازن بين الجنسين، ولمشاركة خبراء من ذوي الاعاقة.
وتنظر اللجنة دوريا في التقارير التي تعدها الدول بشأن التدابير التي تتخذها لتنفيذ الاتفاقية. وفيما يخص الدول التي أصبحت أيضاً أطرافاً في البروتوكول الاختياري، تخول اللجنة أيضاً صلاحية تلقي شكاوي الأفراد بشأن الادعاء بانتهاك حقوقهم، واجراء التحريات في الحالات التي تنطوي علي انتهاك جسيم أو منتظم للاتفاقية.
وفي معرض ردها علي بعض الأسئلة والاستفسارات حول ما المقصود بتقديم التقارير بصورة دورية؟
– أشارت الي أنه علي كل دولة طرف في الاتفاقية أن تقدم الي اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة تقريراً أولياً شاملاً عن التدابير المتخذة لتنفيذ الاتفاقية. وعلي كل دولة أن تقدم تقريرها الاولي في غضون سنتين من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة لها. وينبغي أن ينطوي التقرير الأولي علي معلومات عن الأمور التالية:
إنشاء الإطار الدستوري والقانوني والإداري الخاص بتنفيذ الاتفاقية.
تفسير السياسات والبرامج المعتمدة لتنفيذ كل من أحكام الاتفاقية، تحديد أوجه التقدم المحرز في إعمال حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة نتيجة للتصديق علي الاتفاقية ولتنفيذها.
علي كل دولة أن تقدم تقارير لاحقة كل أربع سنوات علي الأقل أو عندما تطلب اللجنة تقديمها.
وينبغي للتقارير اللاحقة: أن تستجيب للشواغل والمسائل الأخري التي تبرزها اللجنة في ملاحظاتها الختامية علي التقارير السابقة، أن تشير الي التقدم المحرز في اعمال حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، أن تبرز العقبات التي قد تكون الحكومة أو الجهات الفاعلة الأخري قد واجهتها في تنفيذ الاتفاقية خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
هل يمكن تقديم شكوي الي اللجنة في الحالات التي تقع فيها انتهاكات للحقوق؟
– نعم، يضع البروتوكول الاختياري للاتفاقية إجراء ابلاغ فردياً يتيح للأفراد والجماعات في الدولة الطرف في البروتوكول تقديم شكوي الي اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بشأن انتهاك الدولة لأحد التزاماتها بموجب الاتفاقية، ويطلق علي الشكوي اسم البلاغ . وتنظر اللجنة في الشكوي وفي ملاحظات الدولة المعنية، وتصوغ بناء علي ذلك آراءها وتوصياتها، إن وجدت وتحيلها الي الدولة وتعلنها علي الجمهور.
هل يجوز للجنة إجراء تحريات؟
– نعم يضع البروتوكول الاختياري إجراءات للتحري. فإذا تلقت اللجنة معلومات موثوقة تشير الي انتهاك دولة طرف في البروتوكول الاختياري أحكام الاتفاقية انتهاكاً جسيماً أو منتظماً، جاز لها أن تدعو الدولة المعنية الي الرد علي المعلومات المتلقاة. وبعد أن تنظر اللجنة في ملاحظات الدولة الطرف وسائر المعلومات الموثوقة، يجوز لها أن تعين واحداً أو أكثر من أعضائها للتحري وإصدار تقرير بصورة عاجلة. ويمكن أن تقوم اللجنة بزيارة الي البلد المعني اذا وافقت الدولة علي ذلك، وبعد التحري تحيل اللجنة استنتاجاتها الي الدولة، التي تُمنح فرصة ستة أشهر لتقديم أي ملاحظات إضافية عليها. وتقوم اللجنة في النهاية بإعداد موجز لاستنتاجاتها وبإعلانه علي الجمهور. ويمكن للدولة المصدقة علي البروتوكول الاختياري أن تتنصل من إجراءات التحري.
ماهو دور المجتمع المدني في عملية الرصد؟
– يؤدي المجتمع المدني دوراً مهماً في عملية الرصد وذلك علي الصعيدين الوطني والدولي. ففيما يتعلق بالرصد علي الصعيد الوطني، تنص الاتفاقية بوضوح علي أن يسهم المجتمع المدني، وبخاصة الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم، في عملية الرصد ويشاركون فيها مشاركة كاملة وهذا يظهر جليا في الفترة 3 من المادة 33 من الاتفاقية . وفيما يتعلق بالرصد علي الصعيد الدولي، تُدعي الدول الاطراف الي الاهتمام علي النحو الواجب بالتشاور مع الاشخاص ذوي الاعاقة والمنظمات الممثلة لهم في ترشيح الخبراء للعمل في الهيئة المعنية بالمعاهدة، وإشراكهم مشاركة نشطة في ذلك من خلال الفقرة 3 من المادة 34 من الاتفاقية . وإضافة الي ذلك تبرز التجربة المستقاة من هيئات رصد المعاهدات الدولية الأخري لحقوق الانسان الدور الحاسم الأهمية الذي يمكن للمجتمع المدني الاضطلاع به في عمليات تقديم التقارير الدورية، ودعم الأفراد في تقديم البلاغات الفردية، وتزويد اللجنة بمعلومات موثوقة عن الانتهاكات الجسيمة أو المنتظمة لحقوق الانسان باعتبارها الأساس الذي يستند اليه في التحريات.