اليوم سنتابع موضوع التفكير الناقد وسنبدأ بفهوم التفكير الناقد
بعد ان قرأنا المقدمة والتربية النقدية
مفهوم التفكير الناقد
من خلال استعراض التعريفات المختلفة المنشورة في أدبيات
التفكير الناقد ، يلاحظ أن الباحثين يختلفون في تحديد مفهوم
التفكير الناقد ، و قد يرجع ذلك إلى اختلاف مناحي الباحثين
و اهتماماتهم العلمية من جهة ، و إلى تعدد جوانب هذه الظاهرة
و تعقدها من جهة أخرى .
في اللغة : ورد الفعل ” نقد” في لسان العرب بمعنى
ميز الدراهم و أخرج الزيف منها .
فنقد الدراهم أي ميز الذهبية منها ، بمعنى أكتشف الزائفة .
كما ورد تعبير ” نقد الشعر” في المعجم الوسيط
بمعنى أظهر ما فيه من عيب أو حسن .
و يفهم من ذلك إظهار المحاسن و العيوب و تنقية و عزل ما حاد عن الصواب .
و من الناحية الفلسفية : نجد أن النقد ينحى إلى شروط العقل
و مقاييسه التي تضمن تصورات صحيحه
و تعطي قيمة صائبة للأفكار و الأحكام ذاتها .
في الأدب التربوي : هناك عدد من التعريفات التي وردت للتفكير الناقد :
يرجع مفهوم التفكير الناقد في أصوله إلى أيام سقراط
التي عرفت معنى غرس التفكير العقلاني بهدف توجيه السلوك .
و في العصر الحديث بدأت حركة التفكير الناقد مع أعمال جون ديوي
عندما استخدم فكرة التفكير المنعكس و الاستقصاء
و في الثمانينات من القرن العشرين بدأ فلاسفة الجامعات
بالشعور أن الفلسفة يجب أن تعمل شيئا للمساهمة في حركة
إصلاح المدارس و التربية . و من ثم بدأ علماء النفس المعرفيون
و التربويون في بناء وجهات النظر الفلسفية المتعلقة بالتفكير الناقد
ووضعها في أطر معرفية و تربوية لاستغلال القدرات العقلية
و الإنسانية .(عصفور و رفيقه ، 1999) .
على الرغم من تعدد التعريفات للتفكير الناقد و لكن يمكن
أن تنظمها صيغتان :
الأولى : توصف بالشخصية و الذاتية : وهي تركز على الهدف
الشخصي من وراء التفكير الناقد كما جاء
في تعريف انيس (ennis) ، حيث هو تفكير تأملي معقول
يركز على اتخاذ القرار فيما يفكر فيه الفرد أو يؤديه
من أجل تطوير تفكيره و السيطرة عليه ، إنه تفكير الفرد
في الطريقة التي يفكر فيه حتى يجعل تفكيره أكثر صحة
ووضوحاً و مدافعاً عنه .
و الثانية : تركز على الجانب الاجتماعي من وراء
التفكير الناقد ، إذا هو عملية ذهنية يؤديها الفرد عندما
يطلب إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء تقويم .
إنه الحكم على صحة رأي أو اعتقاد و فعاليته عن طريق
تحليل المعلومات و فرزها و اختبارها بهدف التمييز بين
الأفكار الإيجابية والسلبية .
و قد ركز انيس(ennis) على افتراضين في تعريفه ( قطامي ، 1990، 699) :
– أن التفكير الناقد نشاط ذهني عملي .
– يتضمن التفكير الناقد تفكيراً إبداعياً ، يتضمن بدوره صياغة
الفرضيات و الأسئلة و الاختبارات و التخطيط للتجارب .
كما و حدد انيس(ennis) الصفات العملية الإجرائية للتفكير الناقد
على النحو التالي (قطامي ، 1990 ، 707 ) :
1.تقويم المناقشات .
2.التفسير .
3.معرفة الافتراضات .
4.التقويم .
5.الاستنباط .
ووضع انيس(ennis) غايات المناهج التي تنمي التفكير الناقد ،
إذ قسمها إلى نوعين :
– القابليات
– القدرات .
تعريف واطسون – جلاسر : بأنه فحص المعتقدات و المقترحات
في ضوء الشواهد التي تؤيدها و الحقائق
المتصلة بها ، بدلا من القفز إلى النتائج .
و يفترض واطسون – جلاسر أن التفكير يتضمن ثلاثة جوانب ، وهي :
1- الحاجة إلى أدلة و شواهد تدعم الآراء و النتائج قبل الحكم على موثوقيتها .
2- تحديد أساليب البحث المنطقي التي تسهم في تحديد
قيم ، ووزن الأنواع المختلفة من الأدلة و أيها يسهم في
التوصل إلى نتائج مقبولة .
3- مهارات استخدام كل الاتجاهات والمهارات السابقة .
واستعرض نيدلر (قطامي ، 1990، 707) ، (12) مهارة
من مهارات التفكير الناقد في مقالته إذ افترض أن معرفة
هذه المهارات يمكن أن تغير في بناء المناهج التي تنمي
أساليب التفكير الناقد وهي : –
1-القدرة على تحديد المشكلات و المسائل المركزية ، و هذا
يسهم في تحديد الأجزاء الرئيسية للبرهان أو الدليل .
2-تمييز أوجه الشبه و أوجه الاختلاف ، وهذا يسهم في
القدرة على تحديد الخصائص المميزة ، ووضع المعلومات
في تصنيفات للأغراض المختلفة .
3- تحيد المعلومات المتعلقة بالموضوع أو التحقق منها ، و تمييز
المعلومات الأساسية عن المعلومات الهامشية الأقل ارتباطاً .
4- صياغة الأسئلة التي تسهم في فهم أعمق للمشكلة .
5- القدرة على تقديم معيار للحكم على نوعية الملاحظات والاستنتاجات.
6- القدرة على تحديد ما إذا كانت العبارات أو الرموز الموجودة
مرتبطة معاً ومع السياق العام .
7- القدرة على تحديد القضايا البديهة و الأفكار التي لم تظهر
بصراحة في البرهان و الدليل.
8- تمييز الصيغ المتكررة .
9- القدرة على تحديد موثوقية المصادر .
10- تمييز الاتجاهات و التصورات المختلفة لوضع معين .
11- تحديد قدرة البيانات و كفايتها و نوعيتها في معالجة الموضوع .
12- التنبؤ بالنتائج الممكنة أو المحتملة ، من حدث أو مجموعة من الأحداث.
و يرى بول ( قطامي ، 1999) ، أنه يجب على الطلبة
أن يعرفوا أن هناك ميلاً طبيعياً لدى الناس لأخذ نظرتنا
المتكونة عن الآخرين بعين الاعتبار ، و ينبغي علينا أن نفاضل
باستمرار للتغلب على الميل ، ويميز بين ” المعنى الضعيف ”
و المعنى القوي للتفكير الناقد ، إذ أن الأفراد الذين يستخدمون
مهارتهم في التحليل و المحاورة و يدفعون من ذلك مهاجمة
و تقليل أهمية آراء أولئك الذين لا يتفقون معهم ، إنما يمارسون
” المعنى الضعيف ” من التفكير الناقد .
أما التفكير الناقد ذو المعنى القوي فهو الذي يحرر الفرد
من حالة العجز عن إدراك وجهات نظر الآخرين ، ويدرك ضرورة
وضع افتراضاته وأفكاره موضع اختبار و فحص قوي
الآراء المعارضة آراء و أفكاره .
و يعرف التفكير الإبداعي مقابل ذلك بأنه
” القدرة على صياغة الأفكار في مجموعات جديدة لتحقيق هدف ما ”
أما مور فيرى أن التفكير الإبداعي يمكن أن يعرف
أنه الصياغة الممكنة للمشكلة ، أو توضيح الظاهرة
بينما يعرف التفكير الناقد بأنه فحص و تقييم هذه الحلول
أو التوضيحات و يشبه التفكير الناقد العملية الذهنية التي يؤديها
الفرد عندما يطلب إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء
تقييم و يمكن تحديد الخطوات التي يؤديها الفرد عندما يطلب
إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء تقييم
و يمكن تحديد الخطوات التي يمكن أن يسير بها المتعلم لكي
يتحقق لديه مهارات التفكير الناقد على النحو التالي :
1. جمع سلسلة من الدراسات و الأبحاث و المعلومات و الوقائع
المتصلة بموضوع الدراسة.
2. استعراض الآراء المختلفة المتصلة بالموضوع .
3. مناقشة الآراء المختلفة لتحديد الصحيح منها و غير الصحيح .
4. تمييز نواحي القوة و نواحي الضعف في الآراء المتعارضة .
5. تقييم الآراء بطريقة موضوعية بعيدة عن التحيز و الذاتية .
6. البرهنة و تقديم الحجة على صحة الرأي أو الحكم الذي تتم الموافقة عليه .
7. الرجوع إلى مزيد من المعلومات إذ ما ستدعى البرهان و الحجة ذلك .
تعريفات أخرى ( أنظر جروان ، 1999م ) :
بريال : يرى أن التفكير التأملي هو جزء من التفكير الناقد
أو أحد مظاهره ، إذ يعتبره مجموعة من التخيلات البعيدة
عن الأشياء الحسية ، الأفكار المنطقية التي تسير وفق الأسلوب
والطريقة التقليدية ( السير من المقدمة للوصول إلى التعميم ) .
كما يرى أن معظم النظريات العلمية المشهورة كانت قد بدأت
كفكرة تأملية تخيلية بعيدة عن الواقع و المنطق ، لهذا يرى أنه
يمكن تنمية الإبداع لدى الطلبة وكذلك لتهيئة الفرص أمامهم لممارسة
الحرية في التفكير بالأشياء المألوفة ووضع بدائل و احتمالات للأشياء المستحيلة .
التفكير الناقد : هو فحص و تقييم الحلول المعروضة .
التفكير الناقد : هو حل المشكلات أو التحقق من الشيء
و تقييمه بالاستناد إلى معايير متفق عليها مسبقاً .
التفكير الناقد : هو التفكير الذي يتطلب استخدام المستويات
المعرفية العليا في تصنيف بلوم ، و هي التحليل
و التركيب و التقويم .
يعرف سميث : بأنه مفهوم عام يعود إلى مهارات مختلفة
مطلوبة للحكم على صحة المعلومات الواردة فيها و دقتها .
و يعرف جون ديوي في كتابه (كيف نفكر )
بالقول : ” أنه التمهل في إعطاء الأحكام و تعليقها لحين التحقق من الأمر ” .
و في ضوء ما ورد من تعريفات للتفكير الناقد ، فإن الباحثان
يتبنيان تعريف واطسون – جلسر ، والمتفق عليه في
موسوعة علم النفس التربوي
كما يمكن التوصل إلى الاستنتاجات التالية :
صعوبة وضع تعريف محدد للتفكير الناقد ، حيث عرفه
البعض بأنه منهج في التفكير ، و عرفه آخرون بأنه مجموعة
من المهارات ، بينما عرفه فريق ثالث اعتبره عمليات عقلية .
التفكير الناقد سلوك فردي ، علمية التفكير فيه
تتضمن خطوات حل المشكلة .
على الرغم من تعدد التعريفات للتفكير الناقد
إلا أنها تلتقي في قواسم مشتركة منها :
– تقييم الأدلة المتوفرة و مصادر المعلومات .
– الابتعاد عن القفز إلى النتائج .
– توفر الفرص للتدريب على صنع القرارات .
– استخدام العقل بفاعلية عالية .