نعمل على مشاريع وأفكار للنهوض بمستوى الخدمات والبرامج المقدمة لهذه الفئة
"ثقافي الصم" يسعى إلى تعريف المجتمع بقدرات وإمكانات ومهارات الأصم القطري
ضرورة نشر ثقافة "لغة الإشارة" وتضمينها في المناهج الدراسية
بعض الصماوات لم يتحررن بعدُ من سجن جدران منازلهن نتيجة "الخجل"
سمية تيشة
كشفت السيدة فريدة محمد مرعي — نائب رئيس مجلس إدارة المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم — أن المركز يعكف حالياً على إعداد مشروع للمرأة الصماء، للنهوض بها في مختلف المجالات، ومن المتوقع أن يتم تدشين المشروع في القريب العاجل، وأشارت إلى أنّ "المرأة الصماء" تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات في المجتمع، حيث تعد "الوظيفه المناسبة" التحدي الأكبر لها في الوقت الحالي، موضحة أن لدىّ المركز الكثير من الافكار والمشاريع التي من شأنها الارتقاء بمستوى الخدمات والبرامج المقدمة لهذه الفئة خلال العام الجاري 2024.. ولفتت مرعي في حوار خاص لـ "الشرق" إلى أهمية نشر ثقافة "لغة الإشارة" وتضمينها في المناهج الدراسية، ومطالبة كافة الجهات والمؤسسات بالدولة لتوفير أكبر عدد من المترجمين لديها، لدعم فئة الصم ومساعدتهم على تجاوز أي صعوبة قد تواجههم، مؤكدة ضرورة توفير أكبر عدد من المترجمين، خاصة من الكفاءات الوطنية لدعم المجال.. كما أوضحت مرعي أن مشكلة "الخجل" مازالت موجودة عند بعض الأسر، حيث إنّ هناك عدداً من الفتيات من ذوي الإعاقة السمعية لم يتحررن بعد من سجن جدران منازلهن، نظراً للخجل الاجتماعي لدى بعض الأسر، لافتة إلى أن المركز يسعى إلى تعريف المجتمع بقدرات وإمكانات ومهارات الأصم القطري، وتوفير أنشطة وبرامج ذات طابع اجتماعي ثقافي ترفيهي لاستثمار وقت فراغ الأعضاء الصم، ولإضفاء جو من التسلية والمرح وكسر الروتين والملل، فضلاً عن غرس روح المنافسة والتعاون والعمل الجماعي ومنحهم المسؤولية الكاملة والإدارة الذاتية لأنشطتهم، جسور الاتصال والتواصل مع المؤسسات والجهات المختلفة بالدولة، وتكثيف التعاون المشترك معها في جميع المجالات.
ثقافة الصم
وبداية تحدثت السيدة فريدة مرعي عن البرامج والخدمات التي يقدمها المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم بشكل عام، قائلة: "تأسس مركز الصم عام 2024، وهو يعد الأول من نوعه على مستوى الدولة يعنى بذوي الإعاقة السمعية في مجال التثقيف والتوعية والترويح، حيث يقدم المركز عدداً من الخدمات والبرامج تتمثل في تعريف المجتمع بقدرات وإمكانات ومهارات الأصم القطري، وتنمية فكر وثقافة الأعضاء الصم من خلال منظومة متنوعة من البرامج والأنشطة الهادفة، وتوفير أنشطة وبرامج ذات طابع اجتماعي ثقافي ترفيهي لاستثمار وقت فراغ الأعضاء الصم، ولإضفاء جو من التسلية والمرح وكسر الروتين والملل، إضافة إلى غرس روح المنافسة والتعاون والعمل الجماعي ومنحهم المسؤولية الكاملة والإدارة الذاتية لأنشطتهم، وتدعيم العلاقة مع كافة المراكز والجهات ذات العلاقة بمجال ذوي الإعاقة السمعية على المستوى الخليجي والعربي والدولي، فضلاً عن مد جسور الاتصال والتواصل مع المؤسسات والجهات المختلفة بالدولة، وتكثيف التعاون المشترك معها في جميع المجالات، ودعم الروابط الأسرية فيما بين الصم والعمل على إدماجهم في المجتمع، وعقد دورات لغة إشارة لشرائح وفئات عمرية مختلفة بالمجتمع من أجل نشر ثقافة الصم وتيسير قناة التواصل بينهم، وتقديم الدعم اللازم للأعضاء ومساعدتهم على اجتياز العقبات والمشكلات التي تواجههم في حدود الإمكانات المتاحة، إلى جانب العمل على منح الأعضاء الصم مزايا وتسهيلات تسهم في تخفيف الأعباء المعيشية قدر الإمكان، والعمل على إقرار حقوق الصم التي منحتها لهم القوانين المحلية والمعاهدات والمواثيق العربية والدولية"، مشيرة إلى أهمية نشر ثقافة الوعي بذوي الإعاقة بشكل عام والصم بشكل خاص.
فتيات الصم
وأوضحت مرعي أن المركز يولي اهتماماً كبيراً بالمرأة الصماء من خلال إنشاء قسم خاص للفتيات وبمبنى مستقل يراعي خصوصيتهن قائلة: "قبل أن أتولى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، كنتُ عضوة في المركز، حيث حملت على عاتقي مسؤولية دعم الفتيات من ذوات الإعاقة السمعية، والحمد لله جهودي تكللت بالنجاح، حيث استطعتُ أن استقطب عدداً كبيراً من الفتيات الصماء للانضمام للمركز، وبعد ذلك قمنا بعمل أقسام مختلفة لدعم مواهب وإبداعات الفتيات، إذ يوجد لدينا حالياً قسم للخياطة وقسم الفنون للرسومات التشكيلية، إضافة إلى قسم الأعمال اليدوية، هذا وقد نظمنا العديد من المعارض لمنتجات الفتيات في بعض مؤسسات الدولة"، لافتة إلى أنّه في السابق كانت الفتيات يلتحقن بدورات تدريبية من أجل تطوير قدراتهن وإمكاناتهن، أما الآن فهن من يحملن على عاتقهن عملية تدريب المجتمع..
وأشارت إلى أنّ الفتيات شاركن في العديد من الملتقيات والفعاليات جنباً إلى جنب مع إخوانهن الفتيان الصم، موضحة أن "ثقافي الصم" قد أنشأ مؤخراً فرقة مسرحية صامتة للصم، تعد الأولى من نوعها في قطر، تهدف إلى تعريف المجتمع بقدرات وإمكانات ومهارات الأصم، وأن الفرقة المسرحية تضم 8 أشخاص من فئة الصم للمشاركة في جميع المناسبات الوطنية من خلال تقديم أعمال مسرحية هادفة تحاكي واقع الأصم في العالم.
هموم الصماء
وتطرقت مرعي لواقع المرأة الصماء، لافتة إلى أنّ المرأة الصماء تواجه تحديات عديدة ابرزها: عدم حصولها على الوظيفة المناسبة لحالتها بحيث توفر لها كافة مستلزماتها واحتياجاتها المعيشيه، وقالت: "تحديات كثيرة تواجه المرأة الصماء منها: "الوظيفه المناسبة"، وإن توافرت فهناك مشكلة أو بالأحرى صعوبة في عدم توافر "المعينات السمعية" التي قد تسبب لها الكثير من المشاكل اثناء تواجدها في العمل، في حين افتقار المؤسسات والجهات لمترجمين في لغة الإشارة تعد مشكلة كبيرة بالنسبة لفئة الصم بشكل عام"، موضحة ان اجمالي عدد المنتسبين لمركز الصم من كلا الجنسين يبلغ حالياً (280) عضواً، يبلغ عدد الفتيات منهم ما يقارب (70) صماء.
وحول عدد الصماوات اللاتي تم توظيفهن في مختلف مؤسسات الدولة، أشارت إلى أنه قد تم توظيف (30) منهن في مختلف الجهات والمؤسسات، في حين هناك (40) مازلن يبحثن عن العمل، لافتة إلى أن أغلب من تم توظيفهن قطريات، وأن فرص التوظيف للجنسيات الأخرى ضئيلة جداً، آملةً ان يتم النظر في اوضاع ممن تم توظيفهن، من حيث "الراتب" و"الدرجة الوظيفية" وذلك أسوة بالأخريات.. كما أوضحت مرعي أن مشكلة "الخجل" مازالت موجودة عند بعض الاسر، حيث إنّ هناك عدداً من الفتيات من ذوي الإعاقة السمعية لم يتحررن بعد من سجن جدران منازلهن، نظراً للخجل الاجتماعي لدى بعض الأسر، وقالت: "للأسف هناك أسر مازالت تتشبث بافكار ومعتقدات خاطئة حول فئة ذوي الإعاقة، بالرغم من جهود الدولة والمؤسسات المعنية بهذه الفئة في توعية المجتمع وأفراده بحقوق ذوي الاعاقة، وأنا واحدة من الاشخاص الذين اجتهدوا في هذا الجانب، حيث كنتُ اطرق الابواب من أجل إخراج الفتيات الصماوات من منازلهن، فهناك اهالي اقتنعوا بخروج بناتهم وهناك من تحفظ على خروجهن لاسباب تتعلق بهم"، لافتة إلى أن "المرأة الصماء" أقل حظاً من "المرأة الناطقة" في الزواج والاستقرار، نظراً لقلة الوعي حول قدرات وامكانات هذه الفئة..
دورات لغة الإشارة
وتحدثت مرعي عن جهود مركز الصم في عقد دورات لغة إشارة لشرائح وفئات عمرية مختلفة بالمجتمع من أجل نشر ثقافة الصم، وتيسير قناة التواصل بينهم، قائلة: "يعقد المركز سلسلة من الدورات التدريبية في لغة الإشارة، وذلك ايمانا منه بأهمية نشر ثقافة الصم في المجتمع، حيث نظم المركز مؤخراً "دورة المترجم المساعد المعتمد"، شارك فيها 50 متدرباً ومتدربة يمثلون جهات عديد بالدولة، تحت إشراف خبراء لغة الاشارة علي عبيد السناري وناجي زكارنة ومحمد عقيل البنعلي وسمير سمرين وعائشة جرار وهيا السناري، وقد جاءت الدورة بعد رصدنا لعديد من الصعوبات والمعوقات التي يتعرض لها الاصم اثناء مراجعته لكافة الامور المجتمعية والخدمية فى كافة الدوائر الحكومية، ومؤسسات الدولة المختلفة، وذلك لعدم وجود تواصل بينهم وبين تلك المؤسسات، ولندرة المترجمين للغة الاشارة في الدولة، جاءت الحاجة الملحة والمهمة في تأهيل وإعداد عدد من الكوادر موظفين من هذه الجهات على تعليم مهارات الترجمة الاولية لمساعدة الصم وتسهيل احتياجاتهم المجتمعية"، مشيدة بجهود وزارة الداخلية، متمثلة في قسم إدارة العمليات من إنشاء "خط طوارئ" بالتعاون مع كيوتل، بهدف تذليل كافة الصعوبات التي قد تواجه فئة الصم وإتاحة الفرصة أمامهم بالتواصل مع موظفي الوزارة في حال حدوث أي مشكلة.
صعوبة وتحديات
وحول أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه فئة الصم، قالت مرعي: "نواجه تحديات كبيرة ابرزها إكمال الأصم تعليمه الجامعي أسوة بالآخرين، حيث إننا نسعى جاهدين إلى توفير فرص التعليم الجامعي للاصم، وقد خاطبنا جامعة قطر بهذا الشأن، إلا أن الموضوع مازال قيد الدراسة، كما ويعد الحصول على الوظيفة المناسبة ابرز التحديات التي يواجهها الأصم حالياً، في حين اننا نأمل بزيادة رواتب العاملين بالمركز، لاستقطاب عدد من المواطنين للعمل لدى المركز"، موضحة أن لدىّ المركز الكثير من الافكار والمشاريع خلال هذا العام، سيتم الإعلان عنها قريباً.
وأشارت إلى ضرورة توفير أكبر عدد من المترجمين، خاصة من الكفاءات الوطنية لخدمة أكبر عدد من فئة الصم، مؤكدة أهمية نشر ثقافة "لغة الإشارة" وتضمينها في المناهج الدراسية، بحيث يكون هناك قاموس إشاري يتم تدريسه ضمن المناهج الدراسيه بكافة مدارس الدولة، موضحة أن مجمع التربية السمعية قد دشن مؤخراً منهاجا قويا لتأهيل فئة الصم، وتمنت أن تحذو كافة المدارس حذو المجمع في نشر ثقافة الصم.
الدعم والتواصل
وختاماً أوضحت السيدة فريدة مرعي نائب رئيس مجلس إدارة المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم، أن فئة الصم يمتلكون قدرات وإبداعات، إلا انهم بحاجة إلى مزيد من الدعم والتواصل، وقالت: "أطمح لأن يكون لدينا مقر أكبر وأوسع من المقر الحالي، لممارسة أنشطتنا وفعالياتنا دون قيود، وأن يتم بالفعل النظر في واقع الاشخاص من ذوي الاعاقة السمعية، خاصة المرأة الصماء التي تتمتع بعقل ناضج وتمتلك الكثير من الإبداعات والإمكانات والخبرات"، متوجهة بالشكر الجزيل لكافة المؤسسات والجهات التي تدعم فئة الصم، وتسعى جاهدة لتذليل كافة الصعوبات التي تواجههم.